الشيخ الصفار يحذر من الانشغال بالجدل الطائفي عن القضايا الأهم
حذّر الشيخ حسن الصفار من الانشغال بالجدل الطائفي الاستفزازي عن قضايا الأمة المهمة.
وتابع: إن هذا الجدل الطائفي يعكر صفو العلاقة مع أبناء الوطن والأمة المختلفين في الانتماء المذهبي والفكري.
جاء ذلك في خطبة الجمعة بمسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: احتواء الجدل المذهبي في نهج الإمام الصادق .
وأوضح الشيخ الصفار أنه مع تعدد المذاهب الدينية والاتجاهات الفكرية في المجتمع، تحصل حالة اهتمام بالجدل والنقاش، في موارد الاختلاف بين تلك المذاهب والاتجاهات، وذلك من منطلقات ودوافع مختلفة.
وتابع قد يندفع الإنسان للجدل في المسألة الدينية أو الفكرية، من منطلق البحث عن الحق والصواب، ومعرفة الحقيقة في موضع الاختلاف.
وأضاف أن الإنسان قد يشعر بالمسؤولية عن إظهار الحق الذي يؤمن به للآخرين، ودعوتهم إليه، وذلك عبر مجادلتهم، لإقناعهم بما يراه حقا، لينال من الله تعالى ثواب الدعوة إلى الحق والخير، وليكون سببًا في هداية الآخرين ونصرة الحق.
وأبان أن الانتماء المذهبي أو الفكري قد يكون جزءاً من معادلة موازين القوة والتنافس الاجتماعي.
وتابع لذلك تسعى كل جهة لتوسيع رقعة امتدادها وتأثيرها في الساحة الاجتماعية، باستقطاب الآخرين إلى جهتها، والدفاع عن نفسها، والتقليل من شأن الجهة الأخرى.
وقد يعبر عن ذلك بالتبشير المذهبي.
وأشار إلى أن من الدوافع وجود عامل سياسي، يتمثل في سعي جهات خارجية معادية، أو جهات داخلية مغرضة، لإشغال ساحة المجتمع بالجدل المذهبي والفتن الطائفية.
وذكر سماحته أن في عصر الإمام الصادق كانت هذه العوامل وغيرها، تدفع كثيراً ممن حول الإمام من التلامذة والموالين، للاستغراق في حالة الجدل المذهبي مع اتباع المذاهب والمدارس الفكرية المختلفة.
ومضى يقول: لقد تصدى الإمام الصادق لضبط إيقاع حركة الجدل والحوار، حتى لا تخرج عن المسار الصحيح، ولا تكون سبباً لإشعال الفتن والنزاعات في جمهور الأمة، وإشغال الناس عن قضاياهم وهموم حياتهم.
وتابع ولمنع السلطات العباسية الحاكمة آنذاك من استغلالها في التعبئة وإثارة الحساسية ضد مدرسة أهل البيت، ومحاصرة وعزل اتباعهم عن ساحة الأمة.
وأضاف أن موقف الإمام الصادق من هذه الظاهرة يظهر في كبح جماح الاندفاع نحو الجدل والتبشير المذهبي.
وبيّن أن في مصادر الحديث الشيعية عددًا كبيرًا من الروايات عن أئمة أهل البيت تنهي عامة أبناء المجتمع الشيعي عن احتراف الجدل، والاستغراق في السجالات العقدية، والتبشير المذهبي.
ولفت إلى أن الإمام الصادق سمح فقط للكفوئين من ذوي اللباقة على المناظرة والحوار.
واستشهد بما ورد عن عبد الأعلى قال: "قلت لأبي عبدالله : إن الناس يعيبون عليِّ الكلام، وأنا أكلم الناس، فقال
: أما مثلك من يقع ثم يطير فنعم، وأما من يقع ثم لا يطير فلا.
وأشار إلى أن الإمام الصادق استوحى موقفه هذا من القرآن الكريم حيث نجد فيه نوعين من الآيات، أحدهما يشجع على الحوار والجدل المنضبط بالقيم الأخلاقية، ومراعاة الظروف المناسبة الصالحة، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ .
وحث على اتخاذ رؤية من موقف الإمام الصادق تجاه ما نراه من استغراق واحتراف بعض الجهات من السنة والشيعة للجدل المذهبي في وقتنا الحاضر، عبر فضائيات متخصصة بهذا الشأن وبأسلوب يتنافى مع المنهج القرآني الذي يؤكد على الجدال بالتي هي أحسن، وليس بالسباب واللعن والتجريح وإثارة الضغائن والفتن بين المسلمين.
وشدد على أن أقل واجب على الواعين فعله تجاه قنوات الفتنة من السنة والشيعة وبرامجها الاستفزازية هو مقاطعتها والإعراض عنها، وتوعية الآخرين بأضرارها على الدين والأمة والوطن.
ودعا إلى عدم الاستجابة للإثارات التي تطرحها هذه الجهات والقنوات، فننشغل بها عن قضايانا المهمة، وتعكر صفو علاقاتنا مع أبناء وطننا وأمتنا المختلفين معنا في الانتماء المذهبي والفكري.