آخر تحديث: 28 / 4 / 2025م - 7:02 م

الأرض ترسل ”إشارات استغاثة“.. تقرير أممي يحذر من تسارع غير مسبوق للتغيرات المناخية

جهات الإخبارية

حذر تقرير حديث صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ”WMO“ من تصاعد غير مسبوق في التأثيرات المناخية الناجمة عن الأنشطة البشرية، مشيرًا إلى أن بعض هذه التغيرات قد أصبحت ”لا رجعة فيها“، وقد تستمر لمئات أو حتى آلاف السنين. وسلط التقرير، الذي حمل عنوان ”حالة المناخ العالمي“، الضوء على التداعيات الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة الناتجة عن الظواهر الجوية المتطرفة، التي تتفاقم بوتيرة مقلقة.

2024.. عام قياسي في الاحترار

وأكد التقرير أن عام 2024 يُرجح أن يكون أول عام تقويمي يسجل ارتفاعًا في متوسط درجة الحرارة العالمية بأكثر من 1,5 درجة مئوية مقارنة بالفترة ما قبل الصناعية ”1850-1900“. وأوضح أن متوسط درجة الحرارة السطحية بلغ 1,55 ± 0,13 درجة مئوية فوق متوسط تلك الفترة، مما يجعله العام الأكثر حرارة منذ بدء تسجيل البيانات قبل 175 عامًا.

مؤشرات خطيرة.. وتغيرات ”لا رجعة فيها“

وأبرز التقرير عددًا من المؤشرات المناخية التي تعكس تفاقم التغيرات البيئية، حيث وصلت تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى أعلى مستوياتها خلال 800 ألف عام. كما شهد العقد الماضي أعلى عشر سنوات حرارة مسجلة على الإطلاق، فيما سجلت السنوات الثماني الأخيرة أرقامًا قياسية جديدة لمحتوى حرارة المحيطات.

وشهد الجليد البحري في القطبين مستويات تراجع غير مسبوقة، حيث تم تسجيل أدنى 18 مستوى لامتداد الجليد البحري في القطب الشمالي خلال آخر 18 عامًا، بينما وصلت مستويات الجليد البحري في القطب الجنوبي إلى أدنى ثلاث مستويات لها خلال السنوات الثلاث الماضية.

إضافة إلى ذلك، أشار التقرير إلى أن الأنهار الجليدية فقدت كتلتها بمعدلات غير مسبوقة، حيث سجلت السنوات الثلاث الأخيرة أكبر خسائر تراكمية على الإطلاق. كما ارتفع مستوى سطح البحر بمعدل متسارع بلغ ضعف المعدل المسجل منذ بدء قياسات الأقمار الصناعية.

”إشارات استغاثة“ وتحذيرات أممية

وفي تعليق على التقرير، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن الأرض ترسل ”إشارات استغاثة متزايدة“، مشددًا على ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية. وأضاف أن بقاء الهدف المناخي عند 1,5 درجة مئوية لا يزال ممكنًا، لكنه يتطلب جهودًا جادة من قادة العالم، خاصة في ظل اقتراب موعد تقديم الدول لخططها المناخية الوطنية الجديدة.

من جهتها، أكدت سيليستي ساولو، الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أن تجاوز درجة حرارة الأرض لحاجز 1,5 درجة مئوية في عام واحد لا يعني بالضرورة فقدان الأمل في تحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ، لكنه يعد تحذيرًا قويًا من أن المخاطر تتزايد بشكل حاد على حياة البشر والاقتصادات والبيئة.

أسباب الارتفاع القياسي.. وتأثيراته المدمرة

وأشار التقرير إلى أن الارتفاع القياسي في درجات الحرارة العالمية خلال عامي 2023 و 2024 يعود إلى عدة عوامل، أبرزها استمرار ارتفاع انبعاثات الغازات الدفيئة، وانتقال ظاهرة ”لا نينيا“ الباردة إلى ”إل نينيو“ الدافئة، إلى جانب تأثيرات إضافية مثل التغيرات في الدورة الشمسية والانفجارات البركانية.

كما أوضح التقرير أن ارتفاع حرارة المحيطات ومستويات سطح البحر لا يزال مستمرًا، فيما يتعرض الغلاف الجليدي للأرض لتغيرات خطيرة، مع استمرار تراجع الأنهار الجليدية والجليد البحري في القطبين بمعدلات مقلقة. وفي الوقت ذاته، شهد عام 2024 ارتفاعًا غير مسبوق في أعداد النازحين بسبب الأعاصير المدارية والفيضانات والجفاف، مما فاقم أزمات الأمن الغذائي وأدى إلى خسائر اقتصادية كبيرة.

دعوة للاستثمار في خدمات الطقس والمناخ

وأكد التقرير على أهمية الاستثمار في خدمات الطقس والمياه والمناخ لمواجهة التحديات المستقبلية وبناء مجتمعات أكثر قدرة على التكيف مع التغيرات المناخية. كما شدد على ضرورة تعزيز أنظمة الإنذار المبكر، خاصة أن نصف دول العالم فقط تمتلك أنظمة إنذار كافية، مما يجعل الملايين من الأشخاص عرضة للمخاطر المتزايدة.

واستند التقرير إلى مساهمات علمية من خدمات الأرصاد الجوية والهيدرولوجية الوطنية، والمراكز الإقليمية للمناخ، والشركاء في الأمم المتحدة، إلى جانب تحليل بيانات خبراء المناخ. كما تضمن تحليلات تفصيلية حول ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وتأثير التغيرات المناخية على الأمن الغذائي، إضافة إلى توصيات لتعزيز استراتيجيات الحد من الكوارث.