ومضات معرفية من كتاب ”حلّ معادلة السعادة: هندس طريقك نحو الفرح“
تاريخ إصدار الكتاب بغلاف مقوى: 21 مارس 2017 م
مؤلف الكتاب: السيد محمد جودت Mo Gawdat, نبذة مختصرة عن سيرته الذاتية تجدها في الصفحة الأخيرة.
المصدر: منصة مينتوريست Mentorist لتلخيص الكتب.
اسم الكتاب باللغة العربية والإنجليزية:
حلّ معادلة السعادة: هندس طريقك نحو الفرح
Solve for Happy: Engineer Your Path to Joy
هذه الترجمة لا تعكس بالضرورة تأييدًا أو رفضًا للمحتوى الأصلي، وإنما الهدف منها هو نشر المعرفة وعرض وجهات نظر متنوعة. قد تحتوي المادة المترجمة على معلومات لا تتوافق بالضرورة مع بعض المعتقدات أو التوجهات الشخصية، إلا أنها محاولة جادة لنقل الفكرة الأساسية مع الحفاظ قدر الإمكان على السياق العام، وإن لم تكن الترجمة دقيقة تمامًا.
نسعى من خلال هذه الترجمات إلى توسيع آفاق التفكير وتعزيز التواصل الثقافي والفكري، عن طريق تقديم أبحاث ورؤى في مجالات متعددة مثل الصحة، والتقنية، والاقتصاد وغيرها، مما يُتيح للقارئ العربي الاطلاع على مختلف وجهات النظر بلغته الأم، وتعزيز التفاهم بين الثقافات إلى جانب تشجيع النقاش الموضوعي للاستفادة منها أو نقدها بشكل واعٍ وبنّاء.
في هذه ”القصة الشخصية المؤثرة والمنسوجة بتحليل غني لما يبحث عنه الجميع“ «كما وصفها السيد سيرجي برين Sergey Brin, الشريك المؤسس لشركة جوجل Google»، يقدم السيد محمد جودت Mo Gawdat, المدير التنفيذي للأعمال في مختبر الابتكار التابع لشركة جوجل إكس Google’s [X]، عقله التحليلي الاستثنائي ودقته المنطقية في واحدة من أعمق مساعي البشرية، وهي: السعادة. ومن خلال خبرته في قيادة أحد أكثر مختبرات شركة جوجل تطورًا، وتجربته الشخصية المؤلمة التي غيّرت رؤيته للعالم، يفكك السيد جودت شفرة كيفية تفسير الدماغ للفرح والحزن، ومن ثم يصوغ خوارزمية عملية لتحقيق السعادة الدائمة — حلاً لـ ”معادلة السعادة“. وبخبرته كتقني متمرس وبقلب شخص عاش الفقد العميق، يحول السيد جودت المشاعر المجردة إلى مسار منظم وقابل للتنفيذ نحو الرفاهية العاطفية.
في عام 2001، أدرك السيد محمد جودت أنه بالرغم من نجاحه المذهل، كان يعاني من تعاسة شديدة. وبصفته متعلّمًا مدى الحياة، تعامل مع المشكلة كما يفعل المهندس: من خلال فحص جميع الحقائق القابلة للإثبات وتطبيق المنطق بدقة. وفي النهاية، أثمرت ساعاته اللانهائية من البحث والدراسة العلمية، ونجح في الوصول إلى معادلة للسعادة الدائمة.
في عام 2014، أي بعد ثلاثة عشر عامًا، خضعت خوارزمية السيد جودت للاختبار الأصعب على الإطلاق. فبعد الوفاة المفاجئة لابنه علي، لجأ السيد جودت وعائلته إلى معادلته للسعادة — وأنقذتهم من اليأس. ومن خلال مواجهة هذا الفقد الفظيع، وجد السيد جودت رسالته: أن يحقق هدفًا جريئًا من نوع ”الرهان المستحيل“ الذي كان يسعى إليه هو وزملاؤه دائمًا — أن يشارك معادلته للسعادة مع العالم، ويساعد أكبر عدد ممكن من الناس ليصبحوا أكثر سعادة.
في كتاب ”حل معادلة السعادة“، يتناول السيد جودت بالنقاش أكثر الجوانب الجوهرية لوجودنا، ويكشف عن الأسباب الكامنة وراء المعاناة، ويرسم خطوات عملية خطوة بخطوة نحو تحقيق سعادة دائمة ورضا مستمر. يعلّمنا كيف نرى الحياة بعدسة واضحة، ويوضح لنا كيفية تبديد الأوهام التي تشوش تفكيرنا؛ وكيفية التغلب على النقاط العمياء في الدماغ؛ واحتضان خمس حقائق أساسية.
بغض النظر عن العقبات التي نواجهها، والأعباء التي نحملها، والتجارب التي مررنا بها، يمكننا جميعًا أن نكون راضين عن حاضرنا، ومتفائلين بالمستقبل.
النص التالي هو ترجمة للمحتوى الأصلي باللغة الإنجليزية والمنشور على منصة مينتوريست «Mentorist»، ويتكوّن من ست ومضات معرفية: ثلاث منها تشرح الأسباب الجوهرية لأصل الموضوع من خلال توصيف تحليلي، فيما تُقدّم الثلاث الأخرى حلولًا عملية عبر إجراءات واضحة وتعليمات موجهة لمعالجة الأسباب من جذورها وتحقيق نتائج ملموسة.
”إذا تفحصت أنماط التفكير التي تسبب لك التعاسة، ستدرك أنها تنبع في معظمها من التعلق بالأوهام والمعتقدات الزائفة.“
معادلة السعادة أقل ارتباطًا بالرياضيات مما تظن، فهي تتمحور أكثر حول تقييم الذات والتأكد من أن توقعاتك تتوافق مع واقعك. ولتحقيق ذلك، عليك أن تتخلص من الأوهام الكبرى الستة التي قد تسبب لك قدرًا كبيرًا من التعاسة.
1. الوهم الأول هو أفكارنا. عندما نتشبث بأفكارنا كما لو كانت دائمًا صحيحة أو خاطئة، نسقط في وهم أن أفكارنا تتحكم بنا، بينما في الواقع نحن من يتحكم بها! أفكارنا وُجدت لتساعدنا على البقاء كنوع بشري، لكن هذا لا يعني أنها دائمًا مفيدة أو صحيحة. في أغلب الأحيان، تعمل أفكارنا على حمايتنا من التهديدات الخارجية، لكنها قد تعيقنا أيضًا، خصوصًا إذا ربطنا أنفسنا بشكل وثيق بالأفكار السلبية. رغم أن أفكارنا تقدم لنا خيارات للتفكر، يمكنها أيضًا أن تقدم روايات أحيانًا غير دقيقة، ومستمرة حيث يمكنها أن تطيل معاناتنا. في مثل هذه الحالات، يجب ألا نستسلم لها. فكما أن الكدمة في الركبة تسبب ألمًا مؤقتًا ثم تشفى تماما، فإن هذه الأحداث المؤلمة ستؤلمنا لفترة وجيزة لكنها ستشفى قريبًا. في الطرف المقابل، الأفكار السلبية التي نغذي بها أنفسنا ستستمر في البقاء وتطيل من ألمنا بعد انتهاء الحدث.
2. الوهم الثاني هو وهم الذات. كثير منا يعرّف نفسه من خلال عمله أو معتقداته أو مشاعره أو ممتلكاته، لكن في الحقيقة نحن مجرد مراقبين لأنفسنا. لذا، حتى لو فُقد شيء منّا، فلن نكون أقل قيمةً مما كنا عليه. ورغم أنه لا بأس بأن نربط أنفسنا بإنجازاتنا وممتلكاتنا، إلا أن هذا قد يعيق سعادتنا إذا لم نعد نلائم هذه التصنيفات وخاصة إذا أصبحت هذه التصنيفات مدمرة. لهذا يجب أن نتجنب العيش داخل هذا الوهم وألا نعتمد على الأنا لتحقيق السعادة.
3. الوهم الثالث هو وهم المعرفة. لطالما اعتقد البشر بأنهم دائمًا على صواب. وهذا واضح عندما كنا نظن أن النظام الشمسي يدور حول الأرض، أو أن بعض الإجراءات الطبية كانت مفيدة لكنها لم تكن كذلك. وبما أن العلم في تطور مستمر، فإن ما يُعد صحيحًا اليوم قد يتبيّن خطؤه غدًا. هذا يعني ببساطة أننا لا نعرف كل شيء بعد. لذا، عندما نعتقد أننا أفضل من الآخرين أو أننا محور الحدث أو نجم الحدث الرئيسي، قد نفسر الوقائع بأنها ”جيدة“ أو ”سيئة“ بينما هي في الحقيقة فقط ”الوقائع موجودة كما هي“.
4. الوهم الرابع هو الوقت. الوقت الزمني، «وقت الساعة»، يشير إلى الأحداث التي يجب أن تحدث ولها فائدة، بينما ”وقت الدماغ“ هو الوقت الذي لا يحمل فائدة حقيقية. وعلى الرغم من أنك استيقظت على صوت المنبه هذا الصباح «الوقت الزمني»، إلا أن طريقتنا في إدراك الوقت مجرد وهم «وقت الدماغ». وهذا يفسر لماذا يشعر البعض بأن اليوم مرّ بسرعة، بينما يراه آخرون بطيئًا جدًا. فكيف يلعب الوقت دورًا في كونه وهمًا ويسرق منا سعادتنا؟ في الواقع، معظم أفكارنا السلبية تعتمد على الوقت. فإذا تأملت الأمر، ستلاحظ أن أغلب الأفكار المزعجة والمؤلمة تدور حول الماضي أو المستقبل، ونادرًا ما تكون في الحاضر، حيث تكمن السعادة الحقيقية. نعم، قد يكون للماضي تأثير كبير على حياتك، لكنه الآن مجرد ذكريات. أما المستقبل؟ فهو لم يحدث بعد. في نهاية المطاف، لا يوجد سوى الحاضر! وعندما تركز على الماضي أو المستقبل، فإنك لا تعيش اللحظة ولا ترى الواقع كما هو.
5. الوهم الخامس هو السيطرة. يحاول الكثير من الناس السيطرة على كل جانب من جوانب حياتهم، من الأمور المالية، إلى الوظيفة، والعلاقات، وغيرها الكثير. لكن امتلاك السيطرة الكاملة على كل شيء هو مجرد وهم. فبينما يمكننا التأثير على نتائج بعض الأحداث إلى حد معين، لا يمكننا التحكم بها بشكل كامل. فماذا نفعل إذًا؟ ببساطة، نركز على الأشياء التي يمكننا التحكم بها — أفعالنا ومواقفنا. يمكننا أن نتحكم فيما نفعله وكيفية استجابتنا لما يحدث حولنا، إذا قبلنا حقيقة الحياة بأنها تحتوي على المكاسب والخسائر معًا. وبهذه الطريقة، لن تنهار معادلة سعادتنا عندما لا تتحقق توقعاتنا.
6. الوهم السادس، وهو على الأرجح الأكثر ارتباطًا بنا: الخوف. كلنا نخاف من شيء ما، لكن طريقة تعاملنا مع هذا الخوف تختلف من شخص لآخر. الخوف وُجد لحمايتنا من التهديدات، حيث يحذرنا من مواقف أو أفكار معينة لنتجنبها أو نتصرف حيالها، لكن غالبًا ما تكون هذه التهديدات غير حقيقية أو مبالغًا فيها. وتحت سيل هذه الأفكار المخيفة، يوجد نمط أساسي — مثل الخوف من الرفض. فقد يقول أحدهم إنه يخاف من التحدث أمام الجمهور، لكن في الحقيقة، هو يخشى الرفض من الحاضرين. الطريقة الوحيدة للتغلب على الخوف هي المرور من خلاله، واحتضانه، ثم تحويله إلى شجاعة. للقيام بذلك، عليك أن تسأل نفسك أولًا: ما هو أسوأ شيء يمكن أن يحدث إذا سمحت لخوفك بمنعك من تحقيق السعادة والنجاح؟ عندما تسمح لنفسك بالتصرف على الرغم من الخوف، تحدث المعجزة: تبدأ في إدراك أنك أكبر من خوفك، وأنك قادر تمامًا على التغلب عليه.
طوّر أفكارًا إيجابية من خلال التعليمات التالية:
1. راقب حديث عقلك الداخلي. أنت لست أفكارك، لذا اسمح لنفسك فقط بمراقبة الأفكار التي تدور في ذهنك دون التفاعل معها. ثم، دعها تمر. ولكن إذا كانت هناك فكرة لا يمكنك التخلص منها، اعترف بها وكيف تجعلك تشعر. انظر وراقب أي فكرة تثير تلك المشاعر. ثم، مارس إعادة صياغة الفكرة ورؤية عدم دقتها. على سبيل المثال، إذا ظللت تفكر أن مشروعك ليس جيدًا بما فيه الكفاية، قد تدرك أن خوفك من عدم القبول هو السبب الرئيسي لهذه الفكرة.
2. أوقف سيل الأفكار المتواصلة. ركّز على الفعل بدلًا من الاستغراق في التفكير. هذا يُفعّل الجزء التنفيذي من الدماغ بدلًا من الجزء الحواري. وعندما تظهر فكرة متكررة، حاول أن تركز على ما يجب القيام به من خلال فعل شيء مختلف أو التفكير في شيء آخر بدلًا من التوقف عندها.
3. أخبر عقلك بما تريد أن تفكر فيه. سيطر على أفكارك من خلال إعطائها أوامر. إذا كان لديك فكر سلبي، على سبيل المثال، أخبر نفسك بأن تستبدله بفكر إيجابي. وإذا رغبت بالهدوء، قل لأفكارك أن تصمت. ثم أعطِ لعقلك الأوامر، وسيتبعها.
4. أنشئ واستخدم قائمتك للسعادة لتوجيه أفكارك. عندما لا تزول الفكرة السلبية، أنشئ قائمة سعادة وارجع إليها. ابدأ بكتابة كل ما يجعلك سعيدًا، ويمكنك أن تبدأ كل جملة ب: ”أنا سعيد عندما…“. احتفظ بهذه القائمة وارجع إليها في الأيام الصعبة والسيئة. وبهذه الطريقة، سيكون من الأسهل عليك أن تكون متفائلًا وسعيدًا!
5. راقب ذاتك المتضخمة «الأنا». جرّد نفسك من الأنا بتجريد نفسك من ممتلكاتك. انظر إلى كل ما تملكه واسأل نفسك: ”هل هذه الأشياء وُجدت لإرضاء غروري أم لحاجة أساسية؟“ قد يجعلك هذا السؤال تدرك ما إذا كنت غارقًا في وهم الذات، وتلاحظ إلى أي مدى تتداخل ذاتك المتضخمة مع سعادتك.
6. استخدم اختبار الممحاة لتجاوز الماضي. إذا كنت دائم التفكير في كراهية من الماضي أو ندم عليه، فتأمل أولًا كيف أثّرت هذه الأحداث في حياتك، سواء إيجابيًا أو سلبيًا. ثم تخيّل أن هناك تقنية تمكّنك من محو تلك اللحظة من الماضي بالكامل؛ فهل ستختار محوها، مع الأخذ بعين الاعتبار الأشياء الجميلة التي نتجت عنها؟ على الأرجح ستشعر بالامتنان لأنها وقعت، إذ إنها ساهمت في تشكيلك لتصبح الشخص الأفضل الذي أنت عليه الآن.
7. كن حاضرًا في اللحظة. عوّد نفسك على كتابة خمسة أشياء تراها من حولك ووصف كلٍ منها. هذه العادة تساعدك على الترسّخ في اللحظة الحاضرة.
8. تعرّف على مخاوفك. لكي تتغلب على مخاوفك، عليك أولًا التأكد من معرفتها. اسأل نفسك: ما هي المخاوف التي تمنعني من بلوغ السعادة والنجاح؟ ما أسوأ ما قد يحدث إذا لم أتجاوز هذا الخوف الآن؟ ما هي الإجراءات التي يمكنني اتخاذها والخطوات التي أستطيع القيام بها لمنع حدوث هذه السيناريوهات السيئة؟ وماذا سيحدث إن لم أفعل شيئًا حيال ذلك على الإطلاق؟
”النقاط العمياء تؤثر على طريقة معالجة الدماغ للمعلومات وتشوّه إدراكنا للواقع.“ هل تعلم أن أدمغتنا تملك قدرة تفوق أي حاسوب تم تصنيعه حتى الآن؟ ورغم هذه القدرات، إلا أن بعض خصائص الدماغ لم تُحدث لتناسب العصر الحديث، مما يجعلنا نتجاهل الحقائق حول حياتنا ويعيق سعادتنا. تُعرف هذه الخصائص ب: ”النقاط العمياء السبعة“.
1. أول هذه النقاط العمياء هو ”الترشيح الذهني“، أي ميل الدماغ إلى تجاهل الإيجابيات والتركيز على السلبيات، وهو ما يعرف ب: ”الانحياز السلبي“. هذا التوجه كان مفيدًا قديمًا لحمايتنا من الأخطار، لكن بما أن الدببة أو القبائل المعادية لم تعد تهددنا كما في السابق، فقد أصبح هذا الترشيح الذهني غير ملائم وقد يدفعنا للتشاؤم المفرط في معظم الأوقات.
2. النقطة العمياء الثانية الشائعة هي ”الافتراضات“. فعلى الرغم من أن الافتراضات وسيلة للدماغ لسد الفجوات المعرفية، إلا أنها قد تضرنا أحيانًا. عندما نقفز إلى الاستنتاجات، نبدأ في إصدار الأحكام أو بناء القصص حول ما يحدث، وقد تكون تلك القصص خاطئة تمامًا. لذا يجب أن نكون واعين لافتراضاتنا ونرى الأمور كما هي إلى أن يثبت العكس. على سبيل المثال، إذا ظننت أن زميلك في العمل غاضب منك لأنه لم يقل ”مرحبًا“ عند مرورك بجانبه، فلا تقفز إلى استنتاجات وتتسرع بالحكم: ماذا لو أنه لم يرك أصلًا؟ إذا لم يُقال شيء بوضوح، من الأفضل أن تسأل أو توضح الأمر بدلًا من الافتراض.
3. النقطة العمياء التالية هي ”التنبؤات“. ومثل الافتراضات، فهي قصص يرويها العقل عن أشخاص أو أماكن أو أحداث في المستقبل. من المستحيل التنبؤ بمستقبلنا بدقة كما نخطط له. فالتنبؤات، تمامًا مثل الافتراضات، هي مجرد قصص من صنع الدماغ وليست بالضرورة صحيحة. ومع ذلك، فإن تصوراتنا وتنبؤاتنا للمستقبل تشكل سلوكياتنا، لذلك يجب أن نكون حذرين بشأن كيفية رؤيتنا للمستقبل. يمكننا إنشاء نبوءات ذاتية التحقق سلبية أو إيجابية، لذا اختر بحكمة!
4. النقطة العمياء الرابعة التي يجب الانتباه إليها هي ”الذاكرة“. يمكن لذكرياتنا أن تشوه إدراكنا للواقع الحالي من خلال إسقاط صراعات الماضي. على سبيل المثال، إذا شعرت يومًا ما بأنك خطيب سيئ في الماضي، فمن المحتمل ألا تحاول الخطابة مرة أخرى في الحاضر. وبالمثل، إذا رسبت في فصل لتعلم لغة من قبل، فقد تعتقد أنك غير قادر على تعلم أي لغة أخرى. من المهم أن تدرك أن وضعك الحالي ليس هو نفسه وضعك في الماضي، وأن نتائج تجاربك السابقة لا تحدد بأي شكل ما ستعيشه الآن.
5. النقطة العمياء الخامسة هي ”التصنيفات“ — أي ميلنا إلى تصنيف الأشخاص أو الأحداث بسرعة دون معرفة جميع الحقائق. هذا يشوّه رؤيتنا ويمنعنا من مطابقة التوقعات مع الواقع. فمثلًا، إذا صنفنا شخصًا بأنه ”خطير“ فقط بسبب لونه، فقد نصبح عنصريين أو نطور مشاعر خوف مفرطة منه. في مثل هذه الحالات، تذكّر أن التصنيفات لا تمثل الحقيقة.
6. النقطة العمياء السادسة هي ”مشاعرنا“. يعلم معظمنا أن المشاعر متقلبة — فخلال لحظة قد نشعر بأننا فوق العالم، وفي اللحظة التالية نشعر وكأننا في الحضيض. وقد لا ندرك ذلك، ولكننا كثيرًا ما نقاد بمشاعرنا. في حين أن هذه المشاعر يمكن أن تساعدنا في تجنب الخطر وتساعدنا في تمييز ما نحبه وما نكرهه، إلا إن هذه المشاعر يمكن أن تنفلت وتخرج عن السيطرة أيضًا وتحبسنا إذا لم نكن واعين لها وحذرين منها.
7. أما النقطة العمياء الأخيرة فهي ”المبالغة“. هذا يشير إلى ميلنا لتضخيم شدة تجاربنا حتى تتطابق مع إدراكنا للواقع. قد يجعلنا ذلك إما نطور تفاؤلاً زائفاً أو نصبح مصابين بجنون العظمة تجاه الأشياء السلبية. على سبيل المثال، إذا سمعنا أخباراً عن تحطم طائرة، فإننا نقلق بشأنها كثيراً ونبدأ في التفكير أنها قد تحدث لنا أيضاً. وهذا يمنعنا من عيش اللحظة ومن الشعور الحقيقي بالسعادة.
تعرف على نقاط ضعفك وصححها من خلال التعليمات التالية:
1. صفِّ مرشحاتك الذهنية. إذا وجدت نفسك مهووسًا بقصة معينة أو تحاول فهم شيء معقد للغاية، فاسأل نفسك: ”ما الأجزاء التي أتجاهلها؟ هل هناك أمور أخرى يجب أن أعرفها قبل اتخاذ قراري؟“
2. اكتشف افتراضاتك. يمكنك التعرف على افتراضاتك من خلال تحليل الأفكار التي تبدأ عادةً بعبارات مثل ”رأيت“، ”قيل لي“، أو ”لاحظت“. راقب هذه الافتراضات، خاصةً السلبية منها، وحاول أن تنفيها أو تعيد النظر فيها.
3. تخلّص من الأفكار السلبية المرتبطة بالماضي. عندما تلاحظ أفكارًا سلبية مصدرها الماضي، تذكّر أنك وقعت في فخ النقطة العمياء المتعلقة بالذاكرة. من الأمثلة على هذه العبارات: ”كنتُ سابقًا…“، ”كان هذا من قبل…“، أو ”كان الأمر أفضل عندما…“.
4. التقط تنبؤاتك المستقبلية. إذا أقلقتك فكرة تتعلق بالمستقبل، فلا تعطيها أهمية مفرطة. فالمستقبل لم يحدث بعد، وتنبؤاتك تظل مجرد احتمالات — ولا شيء منها يمثل الحقيقة المؤكدة.
5. تجنّب تصنيف الأشخاص أو الأحداث. لاحظ الصفات التي تستخدمها لوصف الأشخاص، ثم حاول التخلص منها. فاستنتاجاتك أو تصنيفاتك غالبًا ما تكون غير دقيقة، خاصة إذا لم تدعمها بالحقائق.
6. راقب أين تضع مشاعرك. راقب الكلمات التي تلوّن إدراكك مثل: ”أكره“، ”أحب“، ”هذا مزعج“. وبمجرّد أن تلاحظها، قم بتقييم ما إذا كانت هذه المشاعر تحجب عنك الواقع أم لا.
7. اكتشف المبالغات في أفكارك. عندما تصادف فكرة مشبعة بكلمات مثل ”دائمًا“ أو ”أبدًا“، فهي على الأرجح فكرة محدودة ومبالغ فيها.
”كل حقيقة تحدث تمامًا كما هو متوقع، حتى عندما لا تتوقعها على الإطلاق.“
معادلة السعادة تتبع قاعدة بسيطة: يجب أن تتطابق توقعاتنا مع واقعنا. وهذا يعني ألّا نخلط بين الحقيقة وتحيّزاتنا الشخصية. هناك أربع حقائق تنسجم مع منطق معادلة السعادة، وإذا أدركناها، ستمنحنا شعورًا عميقًا بالطمأنينة والسلام الداخلي:
1. الآن هو كل ما نملك: الماضي لا يمكن تغييره، والمستقبل ليس وجهة يمكننا الوصول إليها. ما نملكه فقط هو اللحظة الحالية. علينا أن ندرك أن ”الآن“ هو الحقيقة الوحيدة، وليس الأفكار التي تسبب لنا القلق بشأن المستقبل أو الاكتئاب أو المشاعر السلبية الأخرى التي تثيرها أفكارنا.
2. التغيير أمر حتمي: التغيير حقيقة، وهو جزء لا يتجزأ من الحياة. أحيانًا، يمكن لأصغر تغيير أن يكون له تأثير كبير في حياتنا. لذلك، لا ينبغي أن نقاوم التغيير، بل علينا تقبّله والشعور بالامتنان للفرص التي يجلبها لنا. هذا سيُعزّز سعادتنا بشكل كبير.
3. الحب الحقيقي موجود: في حين أن باقي المشاعر تأتي وتذهب، فإن الحب يبقى ويستمر. فالحب الحقيقي أو الحب غير المشروط لا يزول ولا يحتاج إلى سبب ليكون موجودًا. إن هذا النوع من الحب هو الذي يمنحنا الرضا والسعادة الحقيقية، لذلك يجب أن نعطي هذا النوع من الحب للآخرين ولأنفسنا.
4. الموت أمر حتمي: وبدلاً من أن نعيش في خوف منه، ينبغي أن تكون هذه الحقيقة دافعًا لنا لنعيش حياتنا بأفضل شكل. فعندما نتوقف عن الخوف من الموت، نبدأ في عيش الحياة على حقيقتها وقيمتها.
بعض الأحداث تحدث وفق تصميم: سواء كنت تؤمن بوجود خالق أو بنظرية الانفجار العظيم، فإن القوانين الفيزيائية والبُنى الكونية موجودة دون شك. الفراشة لا تطير إلى القمر بشكل عشوائي، والكلب لا يبدأ فجأة بالتحدث بالإنجليزية ويتحوّل إلى سمكة. عندما ندرك أن الكوارث الطبيعية والمِحن تحدث وفق نظام كوني، فإننا ننتقل من لعب دور الضحية إلى تقبل الواقع. هذا يساعدنا على ضبط توقّعاتنا وفهم حجم الأحداث بشكل واقعي، فلا تختل معادلة سعادتنا.
دمج استراتيجيات للبقاء في الحاضر من خلال التعليمات التالية:
1. راقب حالاتك الداخلية والخارجية للعودة إلى الحاضر. توقف للحظة، واجلس بهدوء وراقب أفكارك، ومشاعرك، وجسدك، والعالم الخارجي من حولك لبضع دقائق. لاحظ عشرة أشياء حولك. بعد ذلك، خذ نفسًا عميقًا وعد من واحد إلى عشرة قبل أن تعود إلى الانشغال بالحياة من جديد.
2. أنشئ دفترًا لتسجيل الأحداث الإيجابية. اجعل من عاداتك اليومية تدوين الأمور الإيجابية والأحداث الجميلة التي تحدث لك في اللحظة الحالية. هذا سيساعدك على أن تكون أكثر وعيًا بالجوانب المضيئة من حياتك وبالخير من حولك والتي قد تمرّ دون أن تلاحظها.
3. خصص وقتًا لنفسك. حدد وقتًا تقضيه بصمت بمفردك في مكان مريح. ابتعد عن مصادر الإلهاء والعمل الذي قد يزعجك. استشعر السلام الذي يمنحه لك الصمت.
4. قلل من وقت استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي. خصص فقط 10 دقائق في الصباح و 10 دقائق في المساء لتصفح وسائل التواصل الاجتماعي. هذا سيساعدك على أن تبقى متواجدًا في الحاضر طوال اليوم.
5. احمل معك رمزًا محفّزًا. اصنع أو احصل على شيء رمزي صغير يذكّرك بالبقاء في اللحظة الحالية عندما تشعر بأن أفكار الماضي أو المستقبل بدأت تسيطر عليك وتشعرك بالإرهاق. أمسك بهذا الرمز لبضع لحظات حتى تختفي تلك الأفكار.
6. توقف عن مقارنة نفسك بالآخرين. بدلًا من مقارنة نفسك بمن تعتقد أنه أفضل منك، فكّر في النعم والمواهب التي تمتلكها، وركّز على ما تملكه بالفعل. اسعَ لأن تكون نسخة أفضل من نفسك بدلًا من محاولة أن تكون شخصًا آخر.
7. أحب نفسك. احتفظ بدفتر تكتب فيه الأمور الإيجابية والصفات الرائعة عن نفسك. ما الذي تفخر به؟ ما هي المجاملات وعبارات الثناء وشهادات الشكر والتقدير التي تلقيتها من الآخرين؟ دوّنها وارجع إليها كلما شعرت بأنك لا تستحق أو لست جيدًا بما فيه الكفاية.
8. اتبع القاعدة الذهبية. عامل الآخرين كما تحب أن تُعامل به! كن لطيفًا ومتعاونًا مع كل من تقابله. يمكنك أن تفعل ذلك من خلال الاتصال بشخص يشعر بالحزن، أو تقديم العون للمحتاجين، أو القيام بأعمال خيرية أخرى.
السيد محمد جودت Mo Gawdat هو الرئيس التنفيذي السابق للأعمال في شركة جوجل إكس Google X؛ ومضيف البودكاست الشهير باللغة الانجليزية Slo Mo: A Podcast with Mo Gawdat؛ وهو سلسلة أسبوعية من الحوارات المميزة والمقابلات الاستثنائية التي تستعرض الأسئلة العميقة والعقبات التي نواجهها جميعًا في سعينا نحو المعنى والسعادة في حياتنا. وهو الرئيس التنفيذي للذكاء الاصطناعي في شركة قصة التحليق Flight Story. وهو مؤسس مبادرة مليار إنسان سعيد One Billion Happy.
بعد مسيرة امتدت ثلاثين عامًا في مجال التقنية، شغل خلالها منصب الرئيس التنفيذي للأعمال في شركة جوجل إكس Google X, ”مصنع الابتكار الجريء“ في شركة جوجل Google, جعل السيد جودت السعادة الموضوع الرئيسي لأبحاثه، حيث غاص في أعماق الأدبيات المتعلقة بها وتحاور مع بعض الشخصيات من أعمق العقول الحكيمة حول العالم. وهو مؤلف للعديد من الكتب الأكثر مبيعًا على مستوى العالم، وهي:
1. في عام 2014، وبعد الخسارة المأساوية لابنه علي، بدأ السيد جودت بتوثيق نتائج أبحاثه في كتابه الأكثر مبيعًا حول العالم، حلّ معادلة السعادة: هندس طريقك نحو الفرح Solve for Happy: Engineer Your Path to Joy. وقد أصبحت رسالته - مساعدة مليار إنسان على أن يكونوا أكثر سعادة - محاولة طموحة لتكريم ذكرى ابنه علي من خلال نشر رسالة مفادها أن السعادة يمكن تعلُّمها ومشاركتها مع مليار شخص.
2. في عام 2021، نشر السيد جودت كتاب ذكي وبشكل مخيف Scary Smart: The Future of Artificial Intelligence and How You Can Save Our World, وهو خارطة طريق تشرح كيف يمكن للبشرية أن تضمن تعايشًا تكافليًا مع الذكاء الاصطناعي حين يصبح لا محالة أذكى بمليار مرة من الإنسان. ومنذ إطلاق شات جي بي تي ChatGPT في عام 2023، حظي السيد جودت بالتقدير لدوره المبكر في التحذير من تطوير الذكاء الاصطناعي دون سن قوانين تنظيمية، وأصبح من أكثر الخبراء المطلوبين عالميًا للاستشارة في هذا المجال.
3. في عام 2022، نشر السيد جودت كتاب ذلك الصوت الصغير في رأسك That Little Voice in Your Head: Adjust the Code That Runs Your Brain, وهو دليل شامل لاستخدام الدماغ البشري بأفضل شكل ممكن لتحقيق النجاح وتجنّب المعاناة.
4. في عام 2024، تعاون السيد جودت مع المؤلفة السيدة أليس لو Alice Law لنشر كتاب غير قابل للتوتر Unstressable: A Practical Guide to Stress-Free Living, والذي تصدّر قائمة الكتب الأكثر مبيعًا في متجر أمازون من اليوم الأول، وأسّس مجتمعًا من الأشخاص الذين يشتركون في مهمة القضاء على التوتر غير الصحي من حياتهم.
5. وفي عام 2025، بدأ السيد جودت في تأليف كتاب على قيد الحياة: محادثات عن الحياة عندما تصبح التكنولوجيا واعية Alive: Conversations About Life When Technology Becomes Sentient بالتعاون مع مجتمعه على منصة Substack. يستعرض الكتاب التأثير العميق للذكاء الاصطناعي على حياة الإنسان، ويتحدى فهمنا لمعنى أن نكون أحياء وعلى قيد الحياة بالفعل.