آخر تحديث: 25 / 4 / 2025م - 10:38 م

قصص ترى وتروى..

رائدة السبع * صحيفة اليوم

بدأت علاقتي بالقصص منذ أن أضاء حياتي ابني البكر سراج، الذي كان مصدر إلهامي في كل حكاية.. فقد كنت أختلق له قصصًا وحي الخيال وأخرى أمزجها بأحداث كانت عالقة في ذاكرتي من قريب أو بعيد وكانت الغاية من ذلك أن أرويها له قبل النوم، ومع كل كلمة وكل جملة وتفصيل للأحداث كنت أرقبه وهو يغرق في عالم من الخيال، تتداخل فيه الشخصيات والأحداث، لنخلق معًا عوالم لا تنتهي.. والحقيقة أن تلك اللحظات أعادت لي الإيمان بأن القصص ليست مجرد حكايات، بل طاقة قادرة على تشكيل الوجدان وتحريك مشاعر الإنسان.

ما زالت تفاصيل المساء القريب تلمع في ذاكرتي، حين حضرت مهرجان أفلام السعودية على بُعد خمسة عشر دقيقة من منزلي. هناك، حيث تلتقي القصص بالعدسة، وتُروى الحكايات على الشاشة، تتكشف هويتنا السعودية وتنعكس على العالم.

ولي في هذه السطور وقفة مع المهرجان، الذي انطلقت دورته الحادية عشرة تحت شعار «قصص تُرى وتُروى»، فهذا المهرجان لم يكن مجرد حدث سينمائي، بل احتفال بالذات وتحولاتها، ونقطة التقاء بين الحلم والواقع، والفن والحياة.

وبعد أن اكتمل الحضور في تلك الليلة افتُتِح المهرجان بفيلم «سوار»، الذي يحكي قصة إنسانية عميقة عن تبديل طفلين حديثي الولادة، أحدهما سعودي والآخر تركي، في مدينة نجران. الفيلم يُسلّط الضوء على الهوية والانتماء، ويطرح سؤالًا عاطفيًا حول الروابط التي يصنعها القدر والحب.

ولا يمكن الحديث عن مهرجان الأفلام دون ذكر الشاعر أحمد الملا، عرّاب المهرجان، الذي تحوّل هذا الحدث على يديه إلى منصّة وطنية تُكرّم الحكاية والهوية، وتفتح الباب أمام المبدعين السعوديين لرواية قصصهم بحرية وجمال.

ومن علامات الوفاء أن يُكرَّم الفنان القدير إبراهيم الحساوي، الذي ظلّ حاضرًا في وجدان المشاهد السعودي والعربي لأكثر من أربعة عقود. ويُحتفى به على خشبة المهرجان، وكأن لسان حاله يقول:

«لا تنتظر أن يكتشفك أحد، بل شكّل نفسك بطريقة لا يستطيع أحد أن يتجاهلك».

تكريمه جاء احتفاءً برجل جمع بين الفريج والمسرح، بين الحارة والعدسة، وعَبَر المسافات بقلبٍ مملوء بالمحبة والمرونة، وبصوت فني ظل حيًّا في الذاكرة.