خرافة ”يشفي كل شيء“.. استشاري يحذر من مخاطر المضادات للأطفال

حذر الدكتور خالد طاهر، استشاري الصيدلة السريرية للأطفال، من تفشي مفاهيم خاطئة وشائعة بشكل مقلق بين أولياء الأمور بشأن استخدام المضادات الحيوية لأطفالهم.
وأكد أن أبرز هذه المفاهيم، وهو الاعتقاد السائد بأن هذه الأدوية قادرة على علاج جميع أنواع العدوى بما في ذلك الالتهابات الفيروسية، هو اعتقاد غير دقيق علميًا على الإطلاق ويشكل خطرًا مباشرًا على صحة الأطفال ويسهم في تفاقم أزمة صحية عالمية خطيرة.
وأوضح الدكتور طاهر،، أن فعالية المضادات الحيوية تقتصر فقط وحصرًا على حالات العدوى التي تسببها البكتيريا، مؤكدًا أنه لا تأثير علاجي لها على الإطلاق في مواجهة العدوى الفيروسية الشائعة مثل نزلات البرد والإنفلونزا.
وانتقد بشدة ممارسة بعض الآباء والأمهات المتمثلة في الضغط على الأطباء لصرف مضاد حيوي لأطفالهم لمجرد وجود أعراض التهابية، دون التأكد من السبب الحقيقي وراء هذه الأعراض.
وشدد على أن القرار الطبي بوصف المضاد الحيوي يجب أن يستند دائمًا إلى تشخيص دقيق يثبت وجود عدوى بكتيرية، وهو ما قد يتطلب إجراء تحاليل مخبرية أو أشعة، خاصة في الحالات التي يُشتبه فيها بالتهاب رئوي.
وأشار إلى أن بعض الأعراض الموسمية الشائعة مثل الرشح والزكام لا تستدعي في العادة وصف مضاد حيوي، طالما لم تتطور الأعراض بشكل مقلق أو تُثبت الفحوصات وجود عدوى بكتيرية ثانوية.
وبيّن استشاري الصيدلة السريرية أن الاستخدام غير المبرر والعشوائي للمضادات الحيوية يقف وراء تفاقم واحدة من أخطر التحديات الصحية التي تواجه العالم اليوم، وهي ظاهرة مقاومة البكتيريا للعلاج ”Antimicrobial Resistance - AMR“.
وكشف، مستشهدًا بدراسة حديثة، أن هذه الظاهرة الخطيرة تسببت في وفاة أكثر من ثلاثة ملايين طفل حول العالم خلال عام 2022 وحده، نتيجة فشل المضادات الحيوية في علاج العدوى البكتيرية التي أصيبوا بها.
وحذر من توقعات علمية تشير إلى إمكانية تضاعف هذا العدد بحلول عام 2030 إذا استمرت ممارسات الاستخدام العشوائي للمضادات على ما هي عليه.
ولفت إلى أن مقاومة المضاد الحيوي تجعل علاجات العدوى البكتيرية، حتى البسيطة منها، غير فعالة، مما يؤدي إلى زيادة مدة الإقامة في المستشفيات، وارتفاع كبير في التكاليف الصحية، وزيادة احتمالات الإصابة بعدوى إضافية أشد خطورة، وهو ما يضع عبئًا هائلاً على أنظمة الرعاية الصحية.
وفيما يتعلق بنوع المضاد الحيوي المناسب للأطفال، شدد الدكتور طاهر على أن هناك أنواعًا معينة من المضادات لا يُسمح باستخدامها طبيًا قبل بلوغ الطفل أعمارًا محددة، موضحًا أن بعض هذه الأدوية قد تسبب أضرارًا جانبية مثل اصفرار الأسنان الدائم أو التأثير سلبًا على نمو العظام.
وأكد على ضرورة التقيّد الدقيق بالتوصيات العلمية والاعتماد الكامل على الفريق الطبي المختص ”الطبيب والصيدلي“ لاختيار النوع والجرعة المناسبة لكل فئة عمرية وحالة مرضية.
ورداً على استفسارات حول تكرار إصابة بعض الأطفال بالعدوى خلال العام، خاصة من يعانون من ضعف المناعة، أكد الدكتور طاهر أنه لا يوجد عدد محدد من المرات يمنع إعادة صرف المضاد الحيوي، ولكن شدد على أن كل استخدام يجب أن يكون مبنيًا على حاجة طبية مؤكدة بعد التشخيص في كل مرة، وليس لمجرد تكرار الأعراض أو بناءً على تجارب علاجية سابقة.
واختتم الدكتور خالد طاهر حديثه بالتأكيد على الأهمية القصوى لرفع مستوى وعي الأسر والمجتمع بمخاطر الاستخدام غير السليم للمضادات الحيوية، داعيًا إلى ضرورة تعزيز دور التوعية الصحية في المدارس والمراكز الطبية ووسائل الإعلام لتجنب تهديدات صحية مستقبلية خطيرة قد تؤثر بشكل كارثي على صحة الأجيال القادمة.