الأسس الفكرية للعلمانية
في كتابه الأسس الفكرية للعلمانية ”عرض ونقد“ الصادر في عام 2020 عن دار مؤسسة الدليل للبحوث والعقدية، للكاتب الدكتور مصطفى عزيزي، يذكر بأن الاتجاهات الفكرية والتيارات الاجتماعية النشطة في المجتمعات الإسلامية تتأثر الاتجاه العلماني الذي يحاول تحييد الدين وإقصائه من إدارة المجتمع البشري في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها، ويركز على تحويل الدين إلى علاقة روحية فردية مع الله تعالى فحسب. إن العلمانية وان كانت ظاهرة اجتماعية حدثت في العالم الغربي رفضاً لتعاليم الكنيسة الكاثوليكية، واحتجاجاً على التصرفات السيئة لأرباب الكنائس، فإنها تحظى بجذور معرفية وفلسفية عديدة ينبغي تسليط الضوء عليها وتقييمها في ميزان العقل والبرهان. لم تقتصر العلمانية على الدول الغربية فقط، بل وصلت أفكارها إلى العالم العربي، مما أدى إلى ظهور العلمانية العربية التي دعت إلى اعتماد القومية بدل الدين.
في المجتمعات الإسلامية تيارات حداثية متأثرة بالاتجاهات العلمانية الغربية تسعى لعلمنة الدين وعقلنته وترويج العلمانية الإسلامية، وتبذل قصارى جهدها لتفريغ الدين الإسلامي من محتواه الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والتربوي والثقافي وكل ما يتعلق بإدارة شؤون الحياة الدنيوية. في هذا الكتاب يسلط المؤلف الضوء على أمور عدة حول العلمانية، فيستعرض حقيقة العلمانية، ومعالمها الأساسية، وما الفرق بين العلمانية و”العلمنة“، وماهي الأسباب المعرفية والاجتماعية والدينية لنشوء العلمانية وانتشارها، وهل هناك نصوص في الكتاب المقدّس تؤيد العلمانية وتدعمها، ما الآثار والنتائج والتداعيات المترتبة على العلمانية؟ هل يكفي العلم والعقل البشري لإدارة شؤون الحياة البشرية في جميع ابعادها وجوانبها الفردية والإنسانية أم لا؟ ما مدى انسجام التعاليم الإسلامية مع العلمانية؟ ما هي الأساليب والمناهج المستخدمة لترويج العلمانية في المجتمعات الإسلامية؟ وماهي طرق العلاج والتصدي لانتشار العلمانية في البلدان الإسلامية؟ كل هذه التساؤلات يستعرضها المؤلف ويجيب عليها بعقلانية ونقاش علمي وموضوعي بعيد عن التشنجات والعصبيات التي تتخللها في بعض الآحيان هذه البحوث والمواضيع الحساسة.. ويختم كتابه بأن المشكلة الأساسية في العلمانية تكمن في الأسس المعرفية والرؤية الكونية والمبادئ الأنثروبولوجية التي تعتمد عليها العلمانية. من جهة أخرى تركز العلمانية على كفاية العلم والعقل لإدارة شؤون الحياة الإنسانية في جميع حقولها ومجالاتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها، وتدعي السيادة الشاملة والسيطرة المطلقة على جميع شؤون الحياة البشرية، ولكن التجربة البشرية أثبتت عدم كفاءة العقل والعلم في تلبية جميع متطلبات البشر واحتياجاتهم المادية والمعنوية. من هنا نستنج عدم انسجام التعاليم الإسلامية مع العلمانية وملامحها، لآن هناك فروقا جوهرية وأساسية بين الديانة المسيحية وبين الإسلام من حيث المضامين والمعارف التي يحظى بها كل منهما كمّاً وكيفياً. فإن الأسباب والأرضيات التي أفضت إلى ظهور العلمانية في الغرب لا وجود لها في الإسلام.
اضاءة..
يذكر الدكتور والكاتب الأردني أسامة عكنان بأن خلاصة قراءاته التي فاقت الثلاثون عاما عن الحضارة والفلسفة الغربية، وقرأ ما يفوق سبعمائة كتاب عن الفلاسفة الغربيين، وصل إلى نتيجة أن جميع هؤلاء الكتّاب والفلاسفة استعرضوا في كتبهم القيم الغربية من التسامح والحوار والحرية وكلها مظاهر براقة ووسيلة استخدمها الغرب لدس السم في العسل، الا أن الغاية والنتيجة النهائية وخلاصة ما استنتج من خلال قراءاته أنها تؤكد على ثلاث محاور رئيسية هي انكار الآله والدين والنبوة. فأي علمانية يدعوا لها هذا الغرب، الذي يدعو للشذوذ وتدمير العالم أخلاقياً!