اللّطف مكلّف!
في خبر طريف وغريب، صرح سام ألتمان رئيس Open AI في بيان رسمي، أن كلمات اللطف والمجاملة مثل ”شكرًا“، ”من فضلك“، و”إذا تكرمت“ تمثل تحديًا عظيمًا للذكاء الاصطناعي، لأنها تتطلب ”معالجة ورد“ خاص. يبدو أن استخدام كلمات ”من فضلك“ و”شكرا لك“ مع ChatGPT، يساهم في تكاليف الطاقة الكبيرة للشركة. كل كلمة إضافية تزيد من طاقة المعالجة واستخدام الكهرباء، مما يؤدي إلى عشرات الملايين من الدولارات من النفقات.
هذا التعليق أثار مناقشات حول كيفية تعامل الناس مع الذكاء الاصطناعي، حيث يدمج العديد من المستخدمين الأدب والذوق، معتقدين أنه صحيح أخلاقيًا. في حين أن هذا الأدب يزيد من التكاليف التشغيلية. طالب ألتمان المستخدمين بأن يكونوا مباشرين في طلباتهم بدون ذكر «من فضلك» و«شكرًا». تتطلب كل عبارة إضافية المزيد من قوة المعالجة، مما يزيد من الطلب على مراكز البيانات التي تدير ChatGPT. لا تتطلب هذه الأنظمة عالية الأداء موارد حوسبة هائلة فحسب، بل تولد أيضًا الحرارة، مما يستلزم أنظمة تبريد متطورة - وكلها تزيد من استخدام الكهرباء.
من الطريف أنه في حياتنا اليومية نستاء ونمتعض من الشخص الفظ عديم الذوق ونتساءل بحقه مستنكرين من تصرفاته وأقواله: لماذا لا يكون أكثر لطفًا وتهذيبًا؟ اللطف لا يكلف شيئًا! لكن يبدو أنه يكلف الكثير عند الذكاء الصناعي، وهنا يزداد عجبي من القائلين بسرعة دنو لحظة تفوق الذكاء الصناعي على البشري، وهو ما زال حتى اللحظة يستنزف طاقته جراء كلمة لطيفة قيلت له، وهي كالبلسم الشافي للإنسان تشحذ طاقته وتداوي متاعبه، فأين العواطف والمشاعر من الذكاء الصناعي، حتى يقول مناصروه إنه سيتفوق سريعًا على الذكاء البشري؟
في الختام، يُعلمنا هذا الخبر الطريف درسًا مهمًا، حتى الذكاء الصناعي، بكل قوته وذكائه، يملك نقاط ضعف. قد لا تكون هذه النقاط عاطفية أو فيزيائية كما هي عندنا، لكنها موجودة، تتربص في زوايا لغتنا المهذبة. لذا، في المرة القادمة التي تُفكر فيها بقول ”شكرًا“ لمساعدك الذكي، تذكّر أنك قد تُكلفه طاقة كافية لتشغيل مدينة صغيرة. وإذا أردت حقًا أن تُسعده، فقط قل: ”اخرس واعمل!“ ستجد أن بطاريته تبتسم لك... أو على الأقل، تتوقف عن الشكوى ولا تستنزف الطاقة!