آخر تحديث: 25 / 4 / 2025م - 10:38 م

رحيل من نحب… وداعًا علي هزاع

سامي آل مرزوق *

بقلبٍ يعتصره الحزن، ونفوسٍ يغمرها الأسى، ودّعت مدينة سيهات ابنها البار، علي هزاع «أبو ريم»، الذي غادر دنيانا الفانية تاركًا في القلوب أثرًا لا يُنسى، وذكرى عطرة لا تمحوها الأيام.

لم يكن الراحل مجرد فردٍ بين أهله وأصدقائه، بل كان قلبًا كبيرًا ينبض حبًا لكل من حوله، إذا حضر حضرت البسمة، وإن غاب افتقده المكان، كان بسيطًا في حضوره، عميقًا في أثره، لا تمر لحظة معه إلا وتغمرها خفة ظله، ودفء ضحكته، وصدق محبته، يقترب من الجميع بلا تكلّف، ويصنع الفرح كأنما هو قدره الذي اختاره الله له، ليزرع الأمل في من حوله.

كان علي صاحب روح رياضية لا تعرف الحقد، يفرح للناس وكأن الفرح لا يسعه وحده، ويعطي من قلبه قبل يده، يسأل عن أسرته، ويمدّ يده لكل قريب وصديق، لم يعرف الأنانية يومًا، بل جعل من العطاء أسلوب حياة، من عرفه، عرف إنسانًا يقدّس الصداقة، ويمنح المحبة كما لو كانت رسالة يؤديها، ويقف دومًا في صف الخير، مبادرًا، معينًا، سندًا لمن حوله.

أحبّ علي وطنه وأهله، وكان عاشقًا لسيهات، يعرف ناسها بيتًا بيتًا، ويجول طرقاتها كأنها امتداد لروحه، لم يكن من أهل الشعارات، بل من أهل الأفعال، من أولئك الذين يُثبتون أن المواطنة الحقة تُترجم في المواقف والمبادرات، وفي دفء العلاقة مع الناس، وفي عفوية الانتماء إلى المكان.

رحيله موجع، والفراغ الذي خلّفه لا يملؤه إلا دعوات المحبّين، وذكريات لا تعرف الفناء، لم يكن علي مجرد اسم في دفتر الأيام، بل كان قصةً من الوفاء تُروى، وسيرةً طيّبة يتداولها الناس بفخر وحنين، كان بسيطًا لكنه عميق، وكان صوته حين يعلو ضحكًا يُنسيك همّك، وحضوره يكفي ليزرع الطمأنينة في القلوب.

لا يعرف الخصام، ولا يحمل الضغينة، وكان سريع المسامحة، كريم القلب، حاضرًا دائمًا في أفراح الناس وأحزانهم، علّمنا علي أن المحبة لا تحتاج إلى مناسبات، وأن السؤال عن الناس خلق لا يُنسى، وأن العطاء لا يُقاس بالماديات، بل بالنية والدفء والموقف.

لا يزال صدى صوته يتردد في الآذان، ولا تزال ضحكته حاضرة في ذاكرة كل من عرفه، هكذا يرحل الطيبون… بهدوء، لكنهم يتركون خلفهم ضوءًا لا ينطفئ.

سنفتقدك يا علي، في الأماكن التي كنت فيها، وفي الأحاديث التي كنت جزءًا منها، وفي المناسبات التي كنت نجمها الحاضر دومًا، لكننا نعدك أن تبقى في قلوبنا، حيًّا في دعواتنا، وساكنًا في ذاكرة مدينة أحببتها وأحبتك، إلى جنان الخلد، أيها الراحل الجميل… رحمك الله رحمةً واسعة، وجعل مقامك في عليّين، وألهمنا الصبر على فراقك، وأكرمنا بأن نُحسن ذكرك كما كنت تُحسن إلينا.

نحزن على وداعك، لكننا نُسلّم بقضاء الله وقدره، ونسأل الله أن يربط على قلوب ذويك وأهلك، ويجعل قبرك روضةً من رياض الجنة، ويكتب لك منازل الصدّيقين، وحسن أولئك رفيقًا.