آخر تحديث: 26 / 4 / 2025م - 8:44 م

خراب وضياع

سوزان آل حمود *

في هذا العالم، نعيش لحظات من الأمل والتحدي، ونقوم باتخاذ قرارات نعتقد أنها ستضمن لنا حياة أفضل. نحاول تبرير هذه القرارات لأنفسنا ولعائلاتنا، ونتوقع أن تؤتي جهودنا ثمارها. ولكن، في بعض الأحيان، تنكشف الأمور، ونجد أنفسنا أمام قرار يدمر كل ما بنيناه. هذا القرار قد يكون اختيار طريق المخدرات والمسكرات، الذي يزهق قيمة كل شيء ويأخذنا إلى متاهات مظلمة لا مخرج منها.

المخدرات ليست مجرد مواد ترفيهية، بل هي سلاح ذو حدين يحمل في طياته دمارًا نفسيًا واجتماعيًا. الشاب الذي ينزلق إلى هذا العالم، يبدأ بفقدان القدرة على اتخاذ القرارات السليمة. تتلاشى أحلامه وطموحاته، ويصبح أسيرًا لجرعة تالية.

من هم أكثر عرضة لخراب المخدرات؟!

عقل المراهق لا يزال في مرحلة النضج. ويتسم في العموم بالتركيز أكثر على ما يتلقاه من مكافآت ويميل إلى المخاطرة أكثر من عقول البالغين. وفي الوقت ذاته، يضغط المراهقون على آبائهم وأمهاتهم لاكتساب مزيد من الحرية بالتوازي مع بدئهم اكتشاف ملامح شخصيتهم.

وقد يكون هذا وضعًا حرجًا للوالدَين

في الغالب، يرغب المراهقون في التأقلم مع الأقران. لذا إذا كان أقرانه يتعاطون المواد المخدرة، فسوف يتطلع ابنك /ابنتك، المراهق /ة إلى مشاركتهم هذه التجربة والإحساس بنفس الشعور. وأيضًا قد يتعاطى المراهقون المواد المخدرة رغبة منهم بالشعور بالقبول ومزيد من الثقة مع أقرانهم.

وإذا كان هؤلاء الأصدقاء أكبر سنًا، فيمكن أن يتعرض المراهقون لمواقف أكثر خطورة من تلك التي اعتادوا عليها. على سبيل المثال، عدم وجود شخص بالغ في حياة هؤلاء الأقران الصغار، أو اعتمادهم على أقرانهم في التنقل.

وقد يلجأ المراهقون إلى تعاطي المواد المخدرة عند شعورهم بالوحدة أو التعرض للضغوط في محاولة منهم لصرف التفكير عن هذه المشاعر.

وقد يُجرب المراهقون هذه المواد المخدرة بدافع الفضول أو كوسيلة للتمرد أو تحدي القواعد التي تتبعها الأسرة.

قد يظن بعض المراهقين أنه لن يلحق بهم أذى، وقد يعجزون عن فهم عواقب تصرفاتهم.

تأثير المخدرات على الأسرة:

تُعتبر الأسرة هي الداعم الأول للفرد، ولكن عندما يبدأ أحد أفراد الأسرة في تعاطي المخدرات، فإن التأثير يمتد إلى الجميع. تزداد الخلافات، ويتعرض الأهل للقلق والضغط النفسي. يتحول البيت إلى ساحة من الصراعات، حيث تتبدد اللحظات السعيدة، ويصبح الشعور بالخوف والقلق هو السائد.

تأثير المخدرات على الأصدقاء:

الأصدقاء هم جزء لا يتجزأ من حياة الفرد، ولكن التورط في المخدرات يمكن أن يؤدي إلى تآكل العلاقات. يتأثر الأصدقاء بشكل كبير، حيث يصبحون إما متعاطين أو منفصلين عن الشخص المدمن. تتحول الصداقات إلى صراعات، ويصبح الدعم الذي كان يُقدم في السابق شبه معدوم.

كيف ينتهي به المطاف؟

إن النهاية المحتملة لشخص اختار طريق المخدرات قد تكون مأساوية. إما أن ينتهي به المطاف في السجون، أو في المستشفيات، أو حتى في القبور. تتزايد معدلات الوفيات بسبب الجرعات الزائدة، بينما تمر عائلات بأوقات عصيبة تتألم لفقدان أحبائها. حتى لو نجا الفرد من الموت، فإن آثار المخدرات تبقى، حيث تتلاشى الفرص، وتتضاءل الآمال.

ختامًا

إن قرار الانزلاق إلى عالم المخدرات هو قرار يزهق أرواحًا ويخرب مستقبلًا. يجب على كل فرد أن يدرك عواقب هذا الطريق المظلم وأن يسعى للابتعاد عنه.

قال تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة: 195]،

لنحافظ على أحلامنا، على أسرنا، وعلى صداقاتنا. لنبنِ مستقبلًا مشرقًا بدلاً من الانزلاق نحو دمار لا يمكن تبريره. الفكرة ليست في تجنب الخطأ فقط، بل في السعي نحو حياة مليئة بالأمل والنجاح.