آخر تحديث: 26 / 4 / 2025م - 8:44 م

العمل التطوعي بين التنظير والممارسة

أمير بوخمسين

العمل التطوعي يُعَدُّ إحدى الركائز الأساسية التي تساهم في بناء المجتمعات وتعزيز الروابط الاجتماعية. عندما صدر نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية بمرسوم ملكي رقم «م/8» بتاريخ 19/ 2/ 1437، رأينا الفجوة بين التنظير والممارسة، حيث بادر بالتسجيل عبر النظام الآلاف من المؤسسات، ووصل عدد المؤسسات التي سجّلت في النظام إلى ما يفوق 4500 مؤسسة تقريبًا، وتستهدف رؤية 2030 أن يصل عدد المؤسسات إلى 10000 مؤسسة غير ربحية.

يُعرّف العمل التطوعي بأنه الجهد المبذول من قبل الأفراد لخدمة المجتمع دون انتظار مقابل مادي. يشمل مجموعة متنوعة من الأنشطة مثل المساعدة في الفعاليات، التعليم، الدعم النفسي، وغيرها. لذلك، تنبع أهميته الاجتماعية من مساهمته في تعزيز القيم الإنسانية مثل التضامن، التعاون، التعاطف، والمساعدة في تطوير مهارات الأفراد مثل القيادة والتواصل، كذلك تعزيز التماسك الاجتماعي وتقليل الفجوات بين الفئات المختلفة.

التوازن بين التنظير والممارسة.. من الضروري أن تكون هناك استراتيجيات فعالة لتطبيق الأفكار النظرية في الواقع العملي، مثل التدريب والتوجيه للمتطوعين، وتعزيز الشراكات مع المؤسسات الحكومية والخاصة يمكن أن يُسهم في دعم العمل التطوعي. العمل التطوعي هو جسر بين النظرية والممارسة، ويتطلب جهودًا مشتركة من الأفراد والمجتمع ككل لتحقيق أهدافه، ويجب أن تكون هناك رؤى واضحة وآليات فعالة لدعم وتعزيز هذه الأنشطة. لذلك، فالمطلوب التركيز على الكيف في العمل التطوعي، لا على الكم. إذ نرى الكثير من المؤسسات تم إنشاؤها وإطلاقها على أساس خدمة المجتمع، إلا أنها لم تمارس عملها، أو تقوم بأي نشاط منوط بها حسب تخصصها، وهذا راجع لقصور في فهم الأهداف التي وضعتها من أجل تحقيقها، أو عدم القدرة على تنفيذ ما ألزمت به نفسها فوجدت الأمر صعبًا، وعدم التمكن من الاستمرارية. إن حالة الحماس والاندفاع للإنشاء بغض النظر عن المسؤولية الملقاة عليها دفعها لذلك.

أما عن التحديات التي تواجه العمل التطوعي في العديد من المناطق وتؤثر على قدرته، وعلى تحقيق أهدافه، أهمها:

• نقص التمويل، فالعديد من المنظمات تعتمد على تبرعات فردية أو منح محدودة، مما يؤثر على قدرتها على تنفيذ البرامج والأنشطة بشكل مستدام.

• الوعي المجتمعي المحدود، وغياب الوعي بأهمية العمل التطوعي وأثره الإيجابي يؤدي إلى قلة المشاركة من قبل الأفراد والمجتمعات.

• البيروقراطية واللوائح المعقدة، قد تواجه المنظمات صعوبات في التعامل مع الإجراءات القانونية والإدارية، مما يعيق نشاطها الفعّال.

• نقص الكوادر المدربة، عدم توفر متطوعين مؤهلين ومدربين يمكن أن يؤثر سلبًا على جودة البرامج والخدمات المقدمة.

• المنافسة بين المنظمات، زيادة عدد المنظمات قد تؤدي إلى تنافس غير صحي على الموارد، مما يعيق التعاون والتنسيق بين المنظمات.

• تغير الأولويات المجتمعية، تغير اهتمامات المجتمع يمكن أن يؤثر على التوجهات والأهداف التي تسعى المنظمات لتحقيقها.

• التقييم المستمر، نقص الآليات لتقييم الأثر والنتائج يمكن أن يؤدي إلى صعوبة في تحسين الأداء وتقديم خدمات أفضل.

• التوجهات العالمية، التغيرات في الاتجاهات العالمية، مثل الأزمات الإنسانية والتطورات البيئية، يمكن أن تؤثر على أولويات العمل التطوعي في المنطقة.

تُعتبر معالجة هذه التحديات ضرورية لتعزيز فعالية منظمات العمل التطوعي لتحقيق تأثير إيجابي في المجتمع.