آخر تحديث: 1 / 5 / 2025م - 4:31 م

رؤية السعودية 2030 تتجسد واقعا

دكتورة لمياء عبدالمحسن البراهيم * صحيفة اليوم

مع نهاية أبريل 2025، وبينما نستعد لموسم صيف حافل وحج مفعم بالتطلعات، يقف تقرير رؤية السعودية 2030 السنوي شاهدًا على التحولات الكبرى التي تشهدها المملكة، مثبتًا أن ما بدأ قبل تسع سنوات بوصفه طموحًا بعيد المدى، أصبح اليوم حقيقة ملموسة تتجلى في تفاصيل حياتنا اليومية.

الرؤية التي تم إطلاقها عام 2016 لم تعد مجرد مشروع إصلاحي على الورق، بل أصبحت واقعًا نلمسه عبر جودة الأحياء السكنية، سرعة الحصول على الخدمات، تنوع الخيارات المهنية والترفيهية، وتحسن العلاقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، مما يعكس تحولًا نوعيًا في الفكر الإداري والتنموي.

تقرير هذا العام يبرز بوضوح أن 93% من مؤشرات برامج الرؤية تحققت، مع سير 85% من المبادرات وفق المخطط، ما يدل على التزام منهجي بالتنفيذ رغم التحديات العالمية. الأرقام هنا لا تُقرأ بمعزل عن أثرها المباشر: انخفاض البطالة إلى 7%، ارتفاع نسبة تملك المساكن إلى 65,5%، ونمو مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 36%، جميعها انعكاسات لتحولات اجتماعية واقتصادية مستدامة.

ولم يكن هذا النجاح وليد الصدفة، بل جاء نتيجة التخطيط الاستراتيجي، والاستثمار في الكفاءات الوطنية، وتعزيز بيئة الأعمال، وتوسيع نطاق المشاركة المجتمعية. ففي مجالات مثل العمل التطوعي وجودة الحياة، شهدنا قفزات نوعية ساهمت في بناء مجتمع أكثر تفاعلاً وعطاءً.

ومع هذه المنجزات، تبرز أهمية التقييم المستمر لقياس الأثر الحقيقي على حياة الأفراد. فلا تزال هناك مجالات تتطلب المزيد من التطوير، مثل مواءمة الخدمات مع احتياجات المستخدمين، وتسريع تفعيل بعض التشريعات على أرض الواقع لضمان وصول أثر الإصلاحات إلى جميع فئات المجتمع.

من هذا المنطلق، فإن الحفاظ على المكتسبات ومواصلة التطوير يمثلان حجر الزاوية للمرحلة المقبلة. الرؤية ليست مشروعًا مؤقتًا بل مشروع حياة يتطلب مواكبة متطلبات الإنسان المتجددة، وتحقيق توازن دقيق بين التنمية الاقتصادية والارتقاء بجودة الحياة.

كطبيبة اتعامل بشكل مباشر مع حاجات السكان الصحية، ومتخصصة في الصحة العامة، أرى أن الرؤية لم تقتصر على الجانب الاقتصادي، بل طالت أبعاد الحياة كافة، بما فيها الصحة النفسية والجسدية للمجتمع. فمشروعات الصحة الوقائية، ودعم جودة الحياة، ورؤية المدن الصحية والذكية، تسهم في تأسيس بنية مجتمعية قوية لأجيال الغد، التي ستكون أكثر طموحًا وأعلى تطلعًا.

ومع اختتام أبريل، تذكّرنا الرؤية بأن الإنجاز الحقيقي لا يقاس فقط بتحقيق الأرقام، بل بتحويل هذه الأرقام إلى واقع معاش يلامس وجدان كل مواطن ومواطنة.

إن التحدي المستمر أمامنا هو أن نبني مستقبلاً متجددًا تُجسّد فيه الرؤية نمط حياة مستدامًا، عنوانه الإنسان، وهدفه الازدهار.

استشارية طب أسرة
مستشار الجودة وسلامة المرضى
مستشار التخطيط والتميز المؤسسي
كاتبة رأي