دراسة حديثة تحذر: مواقد الغاز المنزلية قد تزيد بشكل كبير خطر الإصابة بالسرطان

حذّر باحثون من أن استخدام مواقد الغاز في المنازل قد يرتبط بزيادة كبيرة في خطر الإصابة بأنواع من السرطان، وبالأخص سرطان الدم ”اللوكيميا“.
وأرجعت دراسة حديثة، نُشرت نتائجها في مجلة ”المواد الخطرة“ هذا الخطر إلى انبعاث مادة البنزين السامة، والتي يُعرف عنها تأثيراتها المسرطنة.
وتوصلت الدراسة إلى أن مستويات التعرض للبنزين الناتج عن تشغيل مواقد الغاز يمكن أن تتجاوز في كثير من الأحيان الحدود الآمنة التي تحددها هيئات الصحة العالمية، لا سيما في المنازل ذات المساحات الصغيرة والتي تفتقر إلى أنظمة تهوية جيدة وفعالة.
ويستخدم ملايين الأشخاص حول العالم، بما في ذلك في الولايات المتحدة حيث أجريت أجزاء من الدراسة، مواقد الغاز التي تعمل بغاز البروبان أو الغاز الطبيعي، والتي ينبعث منها مركّبات كيميائية أخرى خطرة مثل ثاني أكسيد النيتروجين والفورمالديهايد إلى جانب البنزين.
وأكدت الدراسة، استنادًا إلى أبحاث سابقة وتقارير منظمة الصحة العالمية، أن مادة البنزين تُعد مادة مسرطنة مؤكدة حتى عند أدنى مستويات التعرض لها، وأن التعرض المزمن والمستمر لها يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بسرطان الدم.
ووفقًا للمنظمة، لا يوجد مستوى يمكن اعتباره آمنًا تمامًا للتعرض لهذه المادة الكيميائية الخطرة.
واعتمدت الدراسة، التي شملت تحليل بيانات مرتبطة بعينة كبيرة تضم حوالي 6,3 مليون أمريكي ممن يستخدمون أعلى 5% من مواقد الغاز من حيث انبعاثات البنزين، على نموذج محاكاة متقدم يُعرف بـ ”CONTAM“ لتقييم جودة الهواء داخل المنازل.
ووجد الباحثون أن الاستخدام الكثيف والمتكرر لمواقد الغاز، كالطهي لفترات طويلة في الصباح والمساء، وخصوصًا عند غياب التهوية المناسبة أو عدم كفايتها، يؤدي إلى تراكم تركيزات خطرة من مادة البنزين.
ولم يقتصر هذا التراكم على المطبخ فقط، بل امتد ليشمل غرف النوم والمناطق الأخرى داخل المنزل، مما يزيد بشكل كبير من خطر التعرض المزمن لهذا الملوث الخطير.
وأظهرت النتائج أن خطر الإصابة بالسرطان يرتفع بشكل خاص في المنازل الصغيرة التي تعاني من سوء التهوية.
ويتضاعف هذا الخطر بشكل ملحوظ لدى فئة الأطفال، الذين يتنفسون بمعدل أسرع مقارنة بالبالغين، بالإضافة إلى أن أوزانهم أقل، مما يجعلهم أكثر عرضة لتراكم مادة البنزين في أنسجتهم بشكل أسرع وأكثر تركيزًا.
وقدّرت الدراسة أن الاستخدام المرتفع لمواقد الغاز دون وجود تهوية كافية قد يؤدي إلى تسجيل ما بين 16 إلى 69 حالة إضافية من سرطان الدم سنويًا. وأشارت إلى أن الخطر يظل قائمًا حتى مع الاستخدام المعتدل للمواقد، وإن كان بمعدلات أقل تأثيراً.
وعلى الرغم من أن الدراسة أثبتت أن إجراءات التهوية، مثل فتح النوافذ واستخدام شفاطات الهواء فوق المواقد، تقلل من تركيز البنزين في الهواء الداخلي بشكل ملحوظ، إلا أنها أكدت أن هذه الإجراءات لا تزيل الخطر بالكامل، وخصوصًا بالنسبة للأطفال الأكثر حساسية.
وبناءً على هذه النتائج، أوصى الباحثون بالتحول التدريجي نحو استخدام المواقد الكهربائية أو المواقد التي تعمل بتقنية الحث الكهرومغناطيسي كبدائل أكثر أمانًا.
كما دعوا إلى ضرورة تحسين أنظمة التهوية المنزلية، واتخاذ سياسات صحية عامة على نطاق أوسع تهدف إلى الحد من مستويات البنزين في الهواء الداخلي والخارجي على حد سواء.
وتُعد هذه الدراسة، بحسب القائمين عليها، الأولى من نوعها التي تربط بشكل مباشر ومفصل بين انبعاثات البنزين الصادرة عن مواقد الغاز المنزلية وخطر الإصابة بالسرطان. وتؤكد نتائجها الحاجة الماسة إلى إعادة تقييم شاملة لمدى أمان استخدام هذا النوع من المواقد في المنازل، خاصة في ظل الأثر الكبير المحتمل لهذه الانبعاثات على الصحة العامة للسكان.