تذكر مضامين الكتب
بداية يجب أن نضع أمامنا حقيقة أننا لن نستطيع أن نتذكر كل ما نقرأ، وقد يصل الأمر إلى درجة ألا نتذكر أي شيء من كتاب قرأناه. لكن الحقيقة الجميلة هي أنه لا بد أن يبقى شيء ما داخلنا من أي كتاب نقرؤه تمامًا كما يترك الطعام أثره في أجسامنا حتى عندما ننسى ما أكلناه. ولو تمكنا - وهو محال - من تذكر كل طعام أكلناه وأثره علينا لكان أفضل؛ وذلك لكي نستكثر منه ونأكل منه ثانية وثالثة ونستمتع به كما استمتعنا أول مرة.
هناك بعض النصائح التي تساعد على تذكر بعض مضامين الكتب وتزيد فرصة ترسيخها في الذهن؛ من أهمها أن نقرأ فيما نحب بالفعل، وأن نكون بحاجته في وقت قراءته؛ أي أن نقرأ الكتاب المناسب في الوقت المناسب؛ لأن الإنسان - كما يقول المتخصصون في الذاكرة - يستطيع تذكر الأمور التي يحبها أكثر من غيرها. ولنعد القراءة للمتعة أيضًا لا للمعرفة فحسب. كما أن قراءة كتاب يعالج مشكلة راهنة لديك جدير بأن يبقيه في ذاكرتك بشكل أفضل ولمدة أطول.
ويعد تسجيل الملاحظات من الوسائل الناجعة لحفظ ما نقرأ، مع عدم التفكير في الطريقة التي نحفظها بها حتى إن كانت وضع خطوط تحت الجمل المهمة، أو كتابتها على هوامش الكتب أو في آخر الكتاب أو في أوراق مستقلة. إن مجرد كتابة ما نقرأ يبقيه في ذاكرتنا، وهو ما يلاحظه بجلاء حتى من يذاكر دروسه. ولا ينبغي أن تفكر في احتمال تشوه شكل الكتاب بالكتابة عليه، فهو ملكك وتستطيع أن تفعل به ما تشاء. وعلاوة على تذكر ما نكتبه على الكتب فسوف نستطيع أن نعود إلى أي معلومة بسرعة حين الحاجة بدل قراءة كل الكتاب ثانية. وبالنسبة للكتب الرقمية يمكن وضع علامات إلكترونية، أو حتى تسجيل ملاحظات صوتية عنها يمكنك الرجوع إليها لاحقًا، وربما قمنا بتفريغها وتحويلها إلى نصوص تسهل العودة إليها.
وأخيرًا لا تفكر كثيرًا في عدد الكتب التي تقرأ، بل في نوعها ومقدار ما تهضم منها. ولذلك فإن استطعت أن تلخص الكتاب الذي تنتهي منه، أو أن تشرحه لشخص ما، أو تتحدث عنه في أي مكان، فإنك ضمنت بذلك فهمًا أفضل وبقاءً أطول له في ذاكرتك، تمامًا كما قال المحلل المالي بن كارلسون: إذا لم تستطع الكتابة عن الشيء، فأنت على الأرجح لم تفهمه.
العلم صيد والكتابة قيده
قيّد صيودك بالحبال الواثقة
فمن الحماقة أن تصيد غزالة
وتتركها بين الخلائق طالقة
الإمام الشافعي