آخر تحديث: 16 / 6 / 2025م - 1:54 ص

دراسة: الحزام الناري يزيد خطر أمراض القلب.. واللقاح يقي 90% من المرض

جهات الإخبارية

كشفت دراسة كورية حديثة عن وجود علاقة مقلقة بين الإصابة بفيروس الحزام الناري وزيادة خطر التعرض لأمراض القلب والأوعية الدموية، وهو ما دفع المختصين في المملكة إلى تسليط الضوء مجدداً على الأهمية القصوى لتلقي لقاح الحزام الناري، خاصة للفئات الأكثر عرضة للإصابة ومضاعفاتها الخطيرة.

وفي هذا السياق، أوضح الدكتور عبدالرحمن الجنيدي، رئيس قسم التطعيمات في التجمع الصحي الأول بالرياض، في تصريحات تلفزيونية، أن الدراسة الكورية، التي شملت متابعة أكثر من 1200 شخص، أظهرت وجود رابط مباشر بين الالتهابات الجلدية الناتجة عن الحزام الناري والالتهابات التي قد تصيب جدران الأوعية الدموية.

وحذر الدكتور الجنيدي من أن هذا التأثير يمكن أن يؤدي إلى ضيق في الأوعية الدموية أو حتى انسدادها، مما يزيد بشكل ملموس من خطر حدوث التجلطات الدموية وارتفاع ضغط الدم.

وأضاف الدكتور الجنيدي أن الحزام الناري، وهو فيروس ”خامل“ يستقر في العقد العصبية بالجسم بعد الإصابة الأولية بجدري الماء في الصغر، قد يعاود الظهور والنشاط في مراحل لاحقة من العمر على شكل التهابات جلدية مؤلمة.

إلا أن اللافت في الدراسة الحديثة، بحسب الدكتور الجنيدي، هو إمكانية ظهور هذه الالتهابات داخل الأوعية الدموية نفسها، مما يؤثر سلباً على انسيابية جريان الدم وكفاءة وظائف القلب.

وأشار إلى أن التهابات الأوعية الدموية الدقيقة الناتجة عن نشاط الفيروس تؤدي إلى فقدان هذه الأوعية لمرونتها، وهو ما يصعّب تدفق الدم ويجعل الحزام الناري مرضاً أكثر خطورة مما يعتقده البعض، لا سيما عند إصابة فئات ضعيفة المناعة أو كبار السن.

ووفقًا للدكتور الجنيدي، فإن ما يقرب من 90% من الأشخاص فوق سن الخمسين يحملون فيروس الحزام الناري في أجسامهم بصورة خاملة، مما يجعل هذه الفئة هي الأكثر عرضة لظهور المرض عند أي ضعف يطرأ على الجهاز المناعي، سواء كان هذا الضعف نتيجة لأمراض مزمنة، أو ظروف صحية خاصة مثل حالات زراعة الأعضاء، أو حتى بسبب عوامل مثل التوتر والقلق الشديد.

وأكد رئيس قسم التطعيمات أن الإصابة مرة واحدة بالحزام الناري لا تعني بالضرورة اكتساب مناعة دائمة ضد تكراره، بل قد يعاود الظهور، ولذلك يُوصى بشدة بالحصول على التطعيم حتى للأشخاص الذين سبق لهم الإصابة به.

وفيما يتعلق بتشخيص المرض، أشار الدكتور الجنيدي إلى أنه يتم عادةً من خلال الفحص السريري الدقيق، حيث يظهر الحزام الناري في الغالب على شكل طفح جلدي مميز يقتصر على جهة واحدة من الجسم، ويكون مصحوبًا بألم له طبيعة خاصة، خصوصًا إذا كان للمريض تاريخ مرضي سابق بالإصابة بجدري الماء. ونوه إلى أنه نادرًا ما يتم اللجوء إلى التحاليل المخبرية لتأكيد الإصابة.

وحول فعالية اللقاح المتاح، أكد الدكتور الجنيدي أنه يُعد من أكثر اللقاحات فعالية وكفاءة، إذ يقي بنسبة تصل إلى 90% من ظهور المرض، كما أنه يقلل بشكل كبير من شدة الأعراض وقوة الإصابة في حال حدوثها.

وأوضح قائلاً: ”اللقاح لا يمنع الفيروس من التواجد في الجسم، لكنه يمنع ظهوره كمرض نشط، وهو الأهم، كما أن اللقاح أثبت من خلال الدراسات أنه يقلل بشكل كبير من خطر تطور المضاعفات المرتبطة بالأوعية الدموية والقلب“.

وأضاف: ”هذا ما يجعلنا نوصي به بشكل أساسي لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، لأنه لا يقتصر على الوقاية من الحزام الناري فقط، بل قد يقي من مضاعفات خطيرة على صحة القلب“.

وردًا على الاعتقاد السائد لدى البعض بأن الحزام الناري مرض بسيط لا يستدعي القلق أو الحصول على لقاح، شدد الدكتور الجنيدي على أن هذا المرض يؤثر بشكل كبير وسلبي على جودة حياة المصابين، خاصة عند فئة كبار السن.

وقال: ”من عايش حالة إصابة بالحزام الناري في محيط أسرته أو مجتمعه يعرف جيداً أنه ليس مجرد طفح جلدي عابر.. إنه ألم دائم ومبرح، يعيق المصاب عن ارتداء الملابس بشكل طبيعي، ويحرمه من النوم المريح، وقد يتسبب في مضاعفات نفسية تستدعي التدخل“.

وأشار الدكتور الجنيدي إلى أن التجمع الصحي الأول بالرياض قد أطلق بالفعل حملة تطعيمات للحزام الناري، والتي لاقت قبولاً واسعاً وتفاعلاً إيجابياً من الفئات المستهدفة، مؤكداً أن هذه النتائج البحثية الجديدة تدعم بقوة جهود وزارة الصحة المستمرة في التوعية بأهمية اللقاح ودوره في الوقاية.

وشدد الدكتور الجنيدي على أهمية المبادرة بأخذ التطعيمات، قائلًا: ”التحصين اليوم هو أحد أقوى وأنجع أدوات الوقاية المتاحة، فهو يمنع ليس فقط المرض بحد ذاته، بل سلسلة معقدة من المضاعفات التي يمكن أن تؤثر على صحة القلب والدماغ، وهذا ما أظهرته الدراسة الكورية الحديثة بوضوح وجلاء“.