بمعدل انتشار 4,1% للمواليد.. ”الصحة“ تستجيب بدلائل جديدة لمواجهة التشوهات الخلقية

أصدرت وزارة الصحة دلائل إرشادية عملية جديدة تهدف إلى تعزيز الكشف والتشخيص المبكر للتشوهات الخلقية لدى الأجنة والمواليد، في خطوة استراتيجية تسعى من خلالها إلى خفض معدلات الوفيات والإعاقة المرتبطة بهذه الحالات، والتي تشكل عبئًا كبيرًا على الأسر والمجتمع ونظام الرعاية الصحية على حد سواء.
وتأتي هذه المبادرة استجابة للمعدلات المرتفعة لهذه التشوهات في المملكة، حيث تشير التقديرات إلى أن التشوهات الخلقية الكبرى تحدث في حوالي 4,1% من المواليد الجدد، وتتراوح نسبتها بين 8% و 10% في حالات الإملاص، أي ولادة جنين ميت.
وأوضح الدليل الصادر أن التشوهات الخلقية، المعروفة أيضًا بالعيوب الخلقية، تشمل طيفًا واسعًا من الاختلالات الهيكلية والوظيفية التي قد تظهر عند الولادة أو في مراحل لاحقة، لكنها تنشأ أساسًا خلال فترة ما قبل الولادة.
وأكدت الوزارة أن عملية التشخيص قد تتم في مراحل مختلفة، سواء قبل الولادة، أو عند الولادة مباشرة، أو حتى بعد مرور أشهر أو سنوات.
ونبهت إلى أن التشوهات الكبرى، مثل تشوهات الحبل الشوكي والقلب، قد تؤدي إلى الوفاة أو الإعاقة الدائمة، وتتطلب غالبًا رعاية طبية مكثفة تمتد مدى الحياة، مما يمثل عبئًا اقتصاديًا واجتماعيًا كبيرًا على كاهل الأسر والنظام الصحي.
وبيّنت الوزارة أن معرفة معدل انتشار العيوب الخلقية وتوجهاتها يُعد أمرًا بالغ الأهمية لتحديد العوامل المحتملة المسببة أو تلك التي قد يكون لها دور واقٍ.
واستشهدت الوزارة بدراسة أشارت إلى أن معدل انتشار التشوهات الخلقية عند الولادة في المملكة يبلغ 4,12%، موضحة أن الأنواع الشائعة تشمل أمراض القلب الخلقية بمعدل 148 حالة لكل 10 آلاف مولود، وتشوهات الكلى بمعدل 113 حالة، وعيوب الأنبوب العصبي بمعدل 19 حالة، والتشوهات الصبغية ”الكروموسومية“ بمعدل 27 حالة لكل 10 آلاف مولود.
ولفتت إلى أن العيوب الخلقية لا تزال السبب الرئيسي لوفيات الأطفال في السعودية، في ظل عوامل تزيد من هذه المخاطر مثل ارتفاع معدلات زواج الأقارب وبعض الأمراض الوراثية.
ويهدف البروتوكول الإرشادي السريري الجديد إلى تقديم توصيات قائمة على الأدلة العلمية لإدارة حالات الأجنة أو حديثي الولادة الذين يعانون من تشوهات خلقية.
ويتضمن ذلك التركيز على الكشف والتشخيص المبكر قبل الولادة للتشوهات الكبرى، مما يتيح اتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب، سواء كان ذلك بإنهاء الحمل وفق الضوابط الشرعية والقانونية المعمول بها، أو بتوفير الرعاية الطبية المتخصصة للجنين أو المولود بعد ولادته.
ويشمل البروتوكول إجراءات فحص وتاريخ مرضي مفصل خلال مراحل مختلفة، تبدأ من فترة ما قبل الحمل للنساء اللاتي لديهن تاريخ عائلي للإصابة بالتشوهات الخلقية أو عوامل خطر أخرى، مثل الأمراض المزمنة أو حالات الإجهاض المتكرر غير المبرر.
وخلال فترة الحمل، يوصي الدليل بإجراء فحوصات محددة؛ ففي الثلث الأول من الحمل، يُنصح بإجراء فحص الحمض النووي الجنيني الحر في دم الأم ”NIPT“، وفحص شفافية الرقبة وعظمة الأنف للجنين باستخدام الموجات فوق الصوتية، بالإضافة إلى إمكانية أخذ عينة من السائل الأمنيوسي أو دم الحبل السري لإجراء الفحوصات الجينية اللازمة.
أما في الثلث الثاني من الحمل، فيتم التركيز على فحص مستوى البروتين الجنيني ”AFP“ في دم الأم، وإجراء الفحص التشريحي المفصل للجنين باستخدام الموجات فوق الصوتية بين الأسبوع الثامن عشر والعشرين من الحمل.
وأكدت الوزارة على الدور المحوري للموجات فوق الصوتية الروتينية التي تُجرى في منتصف الحمل، والمعروفة بـ ”فحص التشوهات“، في الكشف عن هذه الحالات، مع أهمية إحالة الحالات المشتبه بها إلى مراكز متخصصة لإجراء فحص تفصيلي وتأكيد التشخيص.
وبعد الولادة، يخضع المولود لفحص روتيني شامل من قبل طبيب الأطفال أو طبيب حديثي الولادة، مع إجراء فحوصات إضافية في حال وجود اشتباه سابق أو تأكيد للإصابة بتشوه خلقي.
وشددت الوزارة على أهمية متابعة الأطفال الذين يتم تشخيصهم بتشوهات خلقية خلال مراحل الطفولة المختلفة، وتقديم الاستشارة الوراثية للأسرة لمساعدتهم في التخطيط للحمل المستقبلي.
وأشارت إلى أن الإدارة السريرية للرضع الذين يعانون من تشوهات خلقية تعتمد بشكل أساسي على تقديم الدعم الطبي اللازم وفقًا لنوع وشدة الحالة.
ولضمان نجاح تطبيق هذه الدلائل الإرشادية، أكدت الوزارة على أهمية التزام ودعم القيادات الصحية، وتحديد رواد للجودة السريرية على المستوى المحلي، ونشر الدلائل على نطاق واسع، وتوفير التدريب المنتظم للكوادر الصحية، والمراجعة والتقييم المستمر للأداء، بالإضافة إلى ضرورة إشراك الوالدين في العملية التشخيصية والعلاجية.