آخر تحديث: 12 / 6 / 2025م - 11:28 ص

وسام الزاير… حين يترجل الصبر عن صهوة الحياة

السيد محمد المشعل

في منطقة البحرِ المغمورةِ بالحنين تلك الواحة التي كانت تمتلئُ بالحياة، حيث البحرُ يهمس بسرّ الحُب، والنخلُ يُطيل التحديق في السماء، هناك من كان يمشي بينهما كقنديلِ هادئ… رجُلٌ بَهِيٌّ في وجَعِه، صادقٌ في مشاعره، شاعرٌ لم يكتب الحب فقط، بل عاشه، بل صار هو ذاته قصيدة.

وسام، الإنسان الذي إن نطقت باسمه، خفّت الآلام، وتبسمت الحروف احترامًا لوجعه النبيل، وصبره الذي فاق الوصف.

عشرون عامًا من الصبر على البلاء الذي لا يصطفيه الله إلا لأحبّته، لم تزدْه إلا نقاءً، مرضه لم يُثنِ قلبه عن أن يكون قلبًا للجميع، يُتابع، يسأل، يتذكّر، يضحك متى استطاع، ويحتفظ للذاكرة بأجمل لحظاتها وابتسامتها.

كان وسام في صمته حكاية، وفي عُزلته ألف حضور، كان كل من عَرفه يشعر أنه الأخ، والجار، والصديق، والشاعر، والإنسان الذي لم تنكسر ابتسامته رغم أوجاعه، ولا تاهت روحه عن محبةِ من حوله، حتى حين خذله النطق والحركة، بقي قلبه ممتلئًا بالعطاء، بالسؤال عن الأصدقاء، يفتقدنا إن تأخرنا عنه، يُعبر عن حبه بنظرةٍ تختصر دفء العِشرة الطويلة والمديدة التي قضيناها معًا.

نحن - أخوة البحر - نعزّي أنفسنا بفقد لؤلؤةٍ ثمينةٍ أخرى من بحرنا، ستظل وسامًا في صدورنا، رحل وسام … لكن صدى ضحكته باقٍ، وصوته الحنون في الذاكرة لم ينكسر، رحل الحبيب، لكن طيب عِشرته لا تموت، لأنه ترك فينا أثرًا من نور، وسطرًا من حب، وذكرى لا تنطفئ، فهو من كان إذا حضر أشرق المكان، وإذا غاب ترك فراغًا لا يملأهُ إلا وسام.

نم يا أخي كما تنام القصائد في دفء القلوب…

نم كما يُليق بشاعر أحب العطاء، فبادلته حبًا حتى في الرحيل…

فلن تُوفِيكَ كَلِماتي التي أَحببْتها.. وأحَبَّتك،،،

رَحَلْتَ..
لكنّ وَجْهَكَ ما زال
يُضِيءُ الأمل
وحَرْفُك ساطِع
يُرتِّلُ الآياتِ جَمالًا
ويَزْرَعُ فينا صَبرًا
حينَ يَخْذُلُنا الكلام.