هل عدد أعضاء الجمعية العمومية للجمعيات الأهلية مشكلة؟
يبدو أن عددًا من الجمعيات الأهلية في المحافظة قد حزمت أمرها نحو تخفيض عدد أعضاء الجمعية العمومية لديها، وذلك لقناعة تكونت لدى مجلس إدارة تلك الجمعيات، وهي أن زيادة عدد أعضاء الجمعية العمومية يشكل تحديًا جديًا في إدارة أعمالها.
ربما يمكننا تلخيص الأسباب التي تدعم هذا الاتجاه في ثلاث نقاط، هي:
الأولى: أن إدارة عدد كبير من أعضاء الجمعية العمومية يتطلب جهدًا كبيرًا لا يتناسب مع العائد المتوقع منه، ويتضح ذلك في مثال على عملية إكمال النصاب لعقد الجمعية العمومية؛ بينما العدد القليل يضمن تحقيق الهدف بكل يُسر وفاعلية.
النقطة الثانية: أن العدد الكبير من أعضاء الجمعية العمومية يزيد تلقائيًا من حجم المداخلات والأسئلة التي تُطرح في اجتماع الجمعية العمومية، وهذه الأسئلة قد لا يكون صاحبها على دراية كافية بما يُتحدث عنه، أو لا تكون لها علاقة بالاجتماع، أو أنها لا ترقى للطرح أصلًا، فضلًا عن التجاوب معها أو الإجابة عليها. وتشهد بذلك العديد من اجتماعات الجمعيات العمومية.
النقطة الثالثة: أن بعضًا من الأعضاء قد يتخذ سلوكًا غير مناسب، مثل: التكرار أو الإصرار على طرح الأسئلة، مما قد يُظهر وكأنه فرض رأي على الآخرين أو تشويش عليهم وحرف الاجتماع عن مساره. لذا، يُفضل بعض مجالس إدارات الجمعيات الأهلية التدقيق في عضوية من يحق لهم التصويت كأعضاء في الجمعية العمومية، فيلجأ إلى خيار التقليص مستندًا إلى خبرته في مختلف أعمال الجمعية.
أما من يعارض فكرة تقليص عدد أعضاء الجمعية العمومية في الجمعيات الخيرية، فهو يرى التالي:
1. إن مجلس إدارة أي جمعية خيرية هو نتاج الجمعية العمومية نفسها، إذ تنتخب من بين أعضائها جميع أعضاء مجلس الإدارة، وهذا يدل على أن الكفاءات في الجمعية العمومية - الوعاء الأكبر - أكثر عددًا وتنوعًا من أعضاء مجلس الإدارة.
2. إن تقليص عدد أعضاء «أعلى سلطة في الجمعية حسب النظام» هو تصرف غير نظامي، لأن مجلس الإدارة أدنى سلطة في التسلسل الهرمي من الجمعية العمومية، وقرار من هذا القبيل يحتاج أن يصدر بموافقة السلطة العليا في الجمعية، وهي الجمعية العمومية، وليس بقرار أو ممارسة من مجلس الإدارة.
3. إن التجربة أثبتت في دورات سابقة شُحًّا أو عزوفًا عن الترشح لمجلس الإدارة، وبالتالي كلما زاد عدد أعضاء الجمعية العمومية، ساهم ذلك في تجنب الوقوع في هذا الشُحّ في عدد الكفاءات المرشحة أو قلة الخيارات التي يمكن التصويت لها في انتخابات مجلس الإدارة، سيما أن النظام يتطلب أن يكون المرشح عضوًا في الجمعية العمومية. فزيادة عدد أعضاء الجمعية العمومية يزيد من الوفرة في الترشيح وفي خيارات التصويت أيضًا.
4. على مجلس الإدارة أن يتقبل طبيعة تفاعل الجمعية العمومية، فالتفاعل النشط في اجتماعات الجمعية العمومية هو علامة إيجابية ودليل على حيوية الاجتماع مهما ظهر من تباين في الآراء أو حدوث بعض السلبيات.
5. بالرغم من أن نظام الجمعيات الأهلية لم يُشر إلى الحد الأدنى أو الأعلى لعدد أعضاء الجمعية العمومية، فإن طبيعة عمل الجمعيات الأهلية التي تستهدف خدمة مجتمع الجمعية كاملًا - وليس شريحة محددة - تتطلب وتفرض تلقائيًا أن تكون نسبة المشاركة فيها تتناسب مع عدد السكان أو المجتمع الذي تخدمه، لا أن يصبح الخيار الوحيد هو أن تُدار الجمعية من قِبل قِلّة القِلّة فقط.
أميل إلى وضع معيار يكون مؤشرًا استرشاديًا لتحديد عدد أعضاء الجمعيات العمومية للجمعيات الأهلية. إن تحديد مثل هذا المعيار سوف يجعل الأمر أكثر حيادية في التقييم، كما يجعل عملية الانتخابات أكثر متانة، ويسد الفراغ الحالي القائم على اجتهادات لا ضابط لها سوى العاطفة والشعور الذي قد تستشعره بعض مجالس الإدارات.
إنني أقترح نسبة 1% من المجتمع الذي تخدمه الجمعيات الأهلية الاجتماعية، ونسبة 0.6% لعدد أعضاء الجمعية العمومية للجمعيات الأهلية التخصصية.
إن لاجتماعات الجمعية العمومية لأي جمعية أهلية دورًا آخر لا يقل أهمية عن دورها الرئيسي، فهي البوابة التي منها ينشأ الاهتمام والتدريب العملي على العمل الاجتماعي للطبقة التي يُتوسم فيها تسلّم المسؤولية لقيادة مسيرة الجمعية. وضمان نسبة مئوية محددة من المجتمع الذي تخدمه الجمعية لتكون هي المعيار للحد الأدنى لأعضاء الجمعية العمومية في الجمعيات الأهلية، هو نموذج من الحلول التي يمكن أن تراعي الاهتمامات والتحديات التي يراها كل طرف، وفي الوقت نفسه ينسجم مع مسمى الجمعيات الأهلية ويحقق غايات نظام الجمعيات الأهلية.