آخر تحديث: 12 / 6 / 2025م - 11:24 ص

مهرجان الفائزين الدولي

المهندس أمير الصالح *

لو تم إطلاق مهرجان عالمي يشمل كل سكان الأرض بهدف تتويج وتكريم الفائزين والفائزات في نهاية موسم شهر رمضان أو نهاية موسم الحج السنوي من كل عام، فمن تعتقد ستكون الجوائز من نصيبهم للفئات العمرية التالية:

1 - الأشبال
2 - الشباب والفتيات
3 - الآباء والأمهات
4 - الأجداد والجدات
5 - الكوادر من الجنسين
6 - المرشدين والمرشدات

ولو سألتك نفسك أكثر عن: ما المعايير التي تقترح إدراجها مقابل كل فئة عمرية بحيث تكون معايير منصفة وعادلة تتيح الفرصة لأكبر عدد من المرشحين أن يكونوا من الفائزين ومن كل فئة عمرية؟ ولو أتيحت لك الفرصة أن تُقدّر الميزانية المالية والعينية، وعدد المشرفين والمتطوعين واللجان التي تحتاج لها وترصدها لإنجاح ذلك المهرجان، فكم تعتقد الأرقام التي تستوفي إنجاز تلك المهمة بأسرع وقت من كل نشاط، وفي كل عام، على مدى قرون ودهور وعقود؟!

الأسئلة السابقة افتراضية، وليس في المنظور القريب ولادة هكذا مهرجان تكريمي عالمي يشمل جميع سكان الأرض. فأجواء كوكبنا، الأرض، مليئة بالحروب والنزاعات، وهذا ما نراه مع تكاثر الحروب والقلاقل، والتراشق، والنهب، والسلب، والابتزاز، والطمع، والجشع، وتهافت أهل الشهوات، وتصادم أهل المصالح، وانحسار القيم، وتضييع الأخلاق، وانتشار الرذيلة، وضعف قبول النصيحة في بقع كثيرة من الأرض.

لن أُسلّط الضوء على معايير الفائزين والفائزات في كل فئة عمرية، ولكن سأُسلّط الضوء على فئة الشباب والفتيات. فبالنسبة لي، قد أرشح كل الأشبال والأطفال كفائزين ويتوجون على منصة الاحتفال بغض النظر عن كثرة أعدادهم، واختلاف ألوانهم، ولغاتهم، وأديانهم، وأعراقهم، وجذورهم، وأوطانهم. بالنسبة لفئة الشباب والفتيات، فإن المعايير التالية إدراجها أساسًا للترشيح لنيل الجوائز:

السلوك الحسن ويتضمن:

1 - النشاط والهمة في طاعة الله، ورعاية شؤون الوالدين، وحسن الجوار مع الجيران.
2 - الامتناع عن مشاهدة الأفلام، والمقاطع، والكلام الإباحي، وغير الأخلاقي، وإيذاء الجسد.
3 - السعي بأهداف سامية تنفع الإنسان دنيا وآخرة.
4 - أخلاق وسلوك محمود مع الوالدين، والإخوان، والمجتمع، تشمل الأمانة، والصدق، والوفاء، والنظافة، والإحسان، وتجنب الإزعاج، وتفادي الألفاظ النابية.
5 - المثابرة والمداومة في الشكر لله، والتعلق به.
6 - التغافل، والغفران، والتفاضل، والتزاور، والتشاكر، والتجاوز.
7 - تفادي أكل أموال الآخرين بالباطل.
8 - تجنب الكذب، والخيانة، والنميمة، والنفاق، والتنمر.

باختصار، محظورات الصوم التسعة، ومحظورات الحج الخمسة والعشرون، هما ورشتا عمل وتدريب مركزتان تصقلان الإنسان سلوكيًّا من جديد، ليكون بعدها نِعم الإنسان المنضبط، والملتزم، والمحترم، أو يزداد إيمانًا مع إيمانه الحالي. فالصائم، كما الحاج، يعيش ولمدة معينة متجردًا من كل ما يعلق نفسه بالدنيا من شهوة الأكل، والشرب، والجنس، والكلام، والغيبة، والرياء، ويُجذّر خصال السلوك المحمود مثل: الصدق، والأمانة، والموضوعية، وآداب الحوار، والانضباط، والنظام، والترتيب، والاحترام، والتخطيط، ويعظم حرمة الاعتداء على الغير، حتى الحشرات، إلا بالحق. إن كان الإنسان مجتهدًا ومثابرًا على السعي نحو مرضاة الله بصدق، فذاك هو المراد، وإلا فإن حج البعض وصيامهم وترددهم على المساجد وحضورهم مجالس أهل الوعظ عادة وليست عبادة!

قد يصادف تتويج القلة القليلة من الأشخاص ممن يحملون جزءًا أو كل الصفات المذكورة في بيوتهم أو بيوتِهِنّ، ولكن الأمر المتيقن هو أنهم جميعًا سيتم تتويجهم في مكان وزمان آخر، حيث الميزان، واللجان، والقول الفصل عند الله جل جلاله… فاز المتقون.

يقول أحد العرفاء، أطاب الله ثراه:

“إن العبد يعصي، فيقلّ رزقه، ويقصر عمره، ويُسلَب منه التوفيق، وتزول نعمته، ويذهب ماء وجهه، وتسوء سمعته، ويسقط من عين الله وعين خلق الله..!!”، انتهى النقل.

ونردف للجملة بجملة أخرى: كم هو جميلٌ الاحتفاظ بمكاسب شهر رمضان ومكاسب شهر الحج الروحية والسلوكية. فالتورع عن محارم الله، عبر حفظ البصر، والسمع، واللسان، مع توطيد النفس على الالتزام بطاعة الله، والإصغاء للرشد النبوي، أمر جبار، وجهود ذاتية متضافرة، لا سيما في زمن تناثر وتنوع معروض الشهوات، والأفكار المنحرفة المزخرفة بعناوين الحرية والاستقلال. تجذير العادات الجميلة، والسلوك الحسن، والابتعاد عن الخصال الذميمة، عبر الممارسة اليومية، حتمًا سيلغي مفاعيل الشياطين المتمركزين في منصات التواصل الاجتماعي، ومتصفحات الإنترنت، ومقاهي الفكر العفن، وأصدقاء السوء، ويُحطّم مشاريع إبليس بإذن الله، عبر إجهاض محاولاته الإغوائية للشباب والفتيات.

أتمنى للجميع التتويج من قبل الله جل جلاله بالفوز برضوانه والجنة. ومع دخول يوم عرفة، أتمنى للجميع عيد أضحى سعيد.