آخر تحديث: 12 / 6 / 2025م - 11:28 ص

الأمانة مع النفس.. بداية حب الذات الحقيقي

نجمة آل درويش‎ *

يولد الإنسان محبًا لنفسه بالفطرة، وهذه المحبة الذاتية هي بذرة نقية في داخله، لا يعرف عنها شيئًا سوى أنها جزء من وجوده. لكنه حين يبدأ رحلته في الحياة، يبدأ أيضًا بتشكيل نظرته إلى نفسه عبر ما يتلقاه من الآخرين، خصوصًا من أقرب الناس إليه.

الأقربون هم الوعاء الذي يعجن فيه الإنسان بعجينة الحب. كل كلمة، كل نظرة، كل تصرف منهم يشكل هذا الوعاء ويؤثر في تكوينه. فالكلمات الإيجابية كالمطر اللطيف تُغذي هذه البذرة، وتزيدها قوة وصلابة، بينما الكلمات السلبية والانتقادات الحادة كالعواصف التي تهدد بتدميرها.

لكن يبقى دور الوالدين هو الأقوى، فهما السند والملجأ الأول. عندما يزرع الوالدان في قلب طفلهما الثقة بالنفس، ويخبرانه بأنه جميل، محبوب، وقادر، فإنهما يبنيان له دعامة داخلية صلبة لا تنهار بسهولة. هذه الدعامة تصبح درعًا يحميه من أي محاولات خارجية لهدم صورته الذاتية، فتتحول كلمة التشجيع من والديه إلى حصن يواجه به رياح النقد والرفض.

”أنا لا أبحث عن لحظة مثالية أو انشراح فوري، بل عن رحلة متواصلة مع نفسي“. كما قال عالم النفس كارل روجرز:

”الأمانة مع النفس هي بداية كل تغيير.“ رحلة أستكشف فيها ذاتي وأحبها بفتاتها شيئًا فشيئًا، بحذر وحنان. حب ينمو ببطء، مثل نهر صغير يزداد اتساعًا مع مرور الوقت، لا يخلو من التردد أو الألم، لكنه يبقى صادقًا وثابتًا. هذا البحث المستمر هو ما يمنحني القوة لأقف أمام نفسي والعالم، وأتقبلني كما أنا، بكل تناقضاتي وضعفي، لأصل في النهاية إلى حب ينطلق من الداخل، متين وواقعي