آخر تحديث: 12 / 6 / 2025م - 11:28 ص

في القديح ”بسمتي عيد“

عماد آل عبيدان

”في العيد.. لا يكتمل الهلال إلا إذا اكتمل ضوء البهجة في عيوننا. وفي القديح، للفرح نكهة تُصنع معًا..“

في قديمِ الحنينِ وحديثِ النبضِ، هناكَ بلدةٌ لا تشبهُ سواها؛ تُدعى القديح. كلُّ حجرٍ فيها يروي حكاية، وكلُّ ظلٍّ فيها ينتمي إلى شمسٍ قديمةٍ لا تزالُ تُلقي دفئها على الأجيال. هي ليست مجرد بلدةٍ على الخارطة، بل خارطةُ محبةٍ تنبض في القلوب. وفي كلِّ موسمِ عيد، تنبعثُ الأرواحُ كما تتفتحُ الزهور، ويُزهرُ الفرحُ من رحمِ التعاون والنية البيضاء.

هذا العيد ليس ككلّ عيد.. إنه بُرهةٌ من الزمن قررت أن تُنصت لضحكات الصغار وتنهيدة الأمهات ورفرفة القلوب التي تشتهي للعيد نكهةً من دفءٍ وبهجةٍ وحنانٍ مشترك. ومن هنا… تلتقي القلوب في مبادرةٍ مجتمعيةٍ من نوعٍ نادر، فريدةٍ في طرحها، عميقةٍ في أثرها، تدعى: ”بسمتي عيد“.

نعم، هي ”بسمتي عيد“، لا مجرد شعارٍ عابر، بل نداءٌ من القلبِ إلى القلب، نداءٌ تناغم فيه نادي مضر الرياضي وجمعية مضر الخيرية، فكانا كيدين تتعانقان لترفعا معًا بسمةَ العيد على وجوه أطفالنا، وعلى ملامح الأحياء التي تعرف جيدًا قيمةَ الفرح حين يولد من رحم الجماعة.

إنها ليست فعالية فحسب، بل مشهدٌ من الحبّ المنظّم، والفرحِ المدروس، والسعادةِ التي نبتت بعرقِ المتطوعين، وهم ينثرون تفاصيل هذا المهرجان كما ينثرُ العشّاقُ رسائلهم على ضفاف المساء. يوم السبت، في السابع من يونيو 2025، تتنفس القديح مجددًا من رئة البهجة.. لا تذاكرَ تُطلب، ولا مقابلَ يُنتظر.. فقط قلبٌ مفتوح، وروحٌ حاضرة، وابتسامةٌ صافية.

من الساعة الرابعة عصرًا وحتى السادسة والنصف مساءً، ومن الساعة السابعة والنصف مساءً وحتى العاشرة مساءً، ستمضي الفقرات كأنها خيوطُ ضوءٍ تُحاك على نول الفرح:

الفترة الأولى:

ألعابٌ ومسابقات، ضحكاتٌ تتناثر في كل زقاق، وركضاتٌ صغيرة تبحث عن كنوزٍ معنويةٍ لا تُشترى.

الفترة الثانية:

حفل معايدةٍ مدهش، وتحدياتٌ ممتعة بين الصغار والكبار، والكلُّ يشارك كأنما العيد لا يكتمل إلا بوجوده هو بالذات.

ليس هذا الحدث استعراضيًّا أو مؤقتًا، بل هو إعلانٌ حيّ عن معنى أن تكون من القديح؛ أن تُشارك في البهجة لا كمُتفرّج بل كصانعٍ لها. هي رسالةٌ رقيقة من جمعيةٍ تعرف معنى الجُهد حين يكون لأجل الناس، ومن نادٍ رياضي لا يركض خلف الكؤوس فقط بل خلف سعادة الناس أيضًا.

حين ترى رجلاً كهلاً يبتسم لطفلٍ لا يعرف اسمه، حين تتشابك الأيادي بين غرباء يجمعهم حبّ البلدة، حين يصرخ طفل ”فزت!“ وتجيبه الأرض كلها ”كلنا فائزون بك“، حينذاك، فقط حينذاك، تعرف أن ”بسمتي عيد“ ليست فعالية، بل روح تنفست في جسد القديح.

في مجتمعٍ تتآكله المتغيرات وتُثقله الضغوط، تأتي مبادرات مثل هذه كالماء للظمآن. إنها أكثر من لحظة عيد، إنها رسالة وجود، تقول فيها الجمعية والنادي لأهلهم: ”نحن منكم، وإليكم، وبكم نرتقي“. هي دعوةٌ راقية لا لتناول الحلوى فحسب، بل لتذوق ما هو أعمق: مذاق الانتماء.

فيا أبناء القديح.. لا تفوّتوا هذا اللقاء، لا تغيبوا عن بهجةٍ كُتب فيها اسمكم من أول فكرة حتى آخر ترتيباتها. تعالوا كما أنتم: بقلوبٍ شغوفة، بعيونٍ تتلمس الضوء، وبعطشٍ للمشاركة لا يعرف حدودًا. تعالوا نُثبت أن العيد ليس فقط في الثياب الجديدة، بل في الأرواح التي تُجدد نفسها بلقاء المحبة.

هذا هو العيدُ كما يجب أن يكون، وهذه هي القديحُ حين تبتسم بكامل تفاصيلها.

كل بسمة في العيد تبدأ من قلبٍ ينبض بالقديح… فكونوا أنتم البسمة، أنتم النبض، أنتم العيد.

كل عامٍ وأنتم تكتبون الفرحَ بأيديكم… وكل عامٍ و”بسمتكم“ هي العيد.