آخر تحديث: 12 / 6 / 2025م - 11:15 ص

عيد بلا ضحكاتهم

عباس سالم

يا لَمَّةَ العيد التي كانت تجمعنا معهم، أما ترينَ الدار تشكو غيبتهم؟ كم كانت تُؤنسنا ضحكاتهم، لكنها غابت، وصار المكان موحشًا بغيابهم. عاد العيد، وملامحهم نراها في كل زاوية وأمام كل نافذة، من دون همسٍ ولا ابتسامةٍ لهم، فمن يُعيدُ لنا ضحكاتهم؟

عاد العيد، ولكنهم ما عادوا ولا رجعوا! فأين أصواتهم التي كانت تملأ المكان بالدعوات؟ وأين وجوههم التي كانت أول من نُقبِّلها بعد السلام عند مدخل البيت؟ لقد ذهبوا… نعم، لكننا لم نُودِّعهم بعد، فهم في داخل القلب سُكناهم. نتظاهر بالفرح بين الأحباب، لكن القلب في مأتمٍ خفيٍّ لا يعلمه إلا الله.

يا لَمَّةَ الأهل في ليلة العيد التي كانت تجمعنا وتشرح صدورنا، أما ترينَ البيوت صارت صامتة بلا همسٍ ولا فرح؟ ويا فرحةَ العيد التي كانت تطرق أبوابنا ضاحكة، هل من طارقٍ للباب يجمعنا؟ ويا ليلةَ العيد، أما ترين الأرواح تسير على أنين القلوب المتعبة لفراق الأحبة، وتتوكأ على ذكراهم، تبحث عن ظلِّ غائبٍ بين زوايا البيت الخالية من محياهم.

نشتاق لرؤياهم، حتى صارت أرواحنا تنزف وجعًا لفراقهم، وتفيض العين دمعًا لا تحمله الجفون المتعبة. نشتاق لحديثهم، لدعائهم، لطيبتهم، لوجودهم، فهم الهواء الذي نتنفسه داخل البيت وخارجه، وغيابهم ترك في أرواحنا فراغًا لا يمتلئ إلا بدعائهم لنا في ليلة العيد التي كانت تجمعنا معهم.

فيا إلهي، إننا لم نرَهم منذ أن غابوا عنا، لكننا نرفع أكفنا إليك بالدعاء والمغفرة لهم في كل صلاة. فملامح وجوههم محفورة في الذاكرة، ونراها كما هي في سجدة الغياب الطويلة. فاجعل قبورهم روضة من رياض الجنة، وارزقهم فيها فرحًا كما زرعوا الفرح فينا.