آخر تحديث: 12 / 6 / 2025م - 11:24 ص

من يكتب نص هذا المشهد؟

رائدة السبع * صحيفة اليوم

في كل مسرح عظيم، جمهور ومخرج وممثلون. تتوزع الأدوار، تُضبط الإضاءة، يُكتب النص بعناية.. لكن هناك نوعًا آخر من المسارح، لا مقاعد فيه، ولا ستائر تُغلق. مسرح لا يرى أحدٌ مشهده كاملًا. لا المخرج، ولا الممثل، ولا حتى المشاهد.

هنا، تتجرد الأرواح من كل دور. هذا هو الحج. مسرحٌ تديره دولة، جعلت من التنظيم طقسًا روحيًا، ومن الخدمة مشهدًا عظيمًا، كما يليق به أن يُرى ويُروى. في بقعة لا يعلو فيها صوتٌ على صوت الله، تنسج المملكة العربية السعودية المشهد الأكبر، كما لو أنها تكتب فصلًا مقدّسًا كل عام، تُحرّك فيه القلوب قبل الحشود، وتضبط الزمن على إيقاع الطمأنينة. في مكة، الطمأنينة لا تُفرض.. بل تُنسج كما تُنسج الكسوة على الكعبة: بخيوط من التنظيم، وخدمة لا تنام، وتقنية تستبق الخطوة، ورحمة تسبق السؤال. تبدأ من عدسة تُضيء للعالم المشهد، ولا تنتهي عند يد تحمل عن حاجٍ ظمأه أو تعب خطاه.

ليس هناك ”مشهد“ يُدار.. بل ”سكينة“ تُقام. ممرات المطار تتحول إلى بوابات دعاء، وجوازات السفر تُختم بالترحاب قبل الحبر. ثم الحافلات، والمخيمات، وأصوات المرشدين، وتطبيق ”نسك“ الذي يخاطب كل حاج بلغته، كل ذلك يقول دون أن يُقال: أنت في يد تعرفك دون أن تنطق باسمك.

في طريقه إلى منى، ثم عرفة، ثم مزدلفة، فالجمرات.. لا يسمع الحاج صوت تنظيم صارم، بل يشعر بأمان ناعم. كأن الطمأنينة صارت جسرًا يُمشى عليه. لا يتجزأ، لا ينقطع.

أخيرًا الحج ليس حدثًا تنظمه دولة، بل سرًّا ترعاه السماء، وتخدمه السعودية. منها، تنطلق الطمأنينة وتستقر في قلوب الملايين. وفي كل عام، تُثبت أن خدمة ضيوف الرحمن ليست مهمة تُؤدى، بل رسالة تُورث، وسيادة تُجدد.

اللهم احفظ خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبارك له في عافيته وعمره، واجعل له في كل دعاء حاجٍّ نصيبًا، وفي كل خطوة من ضيوفك أجرًا مضاعفًا.

اللهم سدّد ولي عهده، الأمير محمد بن سلمان، وافتَح له من فتوحك، واكتب له القبول في الأرض والسماء، وأيده بنورٍ من لدنك في كل ما تولّى.

اللهم بارك في كل وزير ومسؤول، وفي كل يدٍ خفية سهرت لتنظيم هذا المشهد العظيم.

واجعل لهم من الدعاء ما يتصل، ومن الأجر ما لا يُحصى، ومن الفضل ما يُرضيك عنهم.

واجعل هذا الوطن المبارك، الذي وسِع قلوبَ العالم، في عين رعايتك، وفي ظل نصرك، وفي طمأنينة لا تزول.

اللهم آمين.