آخر تحديث: 12 / 6 / 2025م - 11:24 ص

اقتبست لكم

محمد يوسف آل مال الله *

في مثل هذا اليوم، اعتدنا رؤيتك وأنت تتنقل بين أروقة بيتك وأزقة الشوارع تنتهز مرور الناس لتدعوهم إلى مائدة العيد فضلًا عن اتصالاتك التي لا تنقطع، تتفقد ضيوفك وإن كنت لا تحسبهم ضيوفًا، بل أهل الدار. أين أنت؟

في فجر يوم الأربعاء الثالث من شهر صفر من العام 1441 هـ الموافق لليوم الثاني من شهر أكتوبر لعام 2019 م، استيقظ أهالي عنك على خبر رحيل الحاج عبدالله محمد آل عيد أبي غازي والناس بين مصّدق وآخر مكذّب للخبر والبعض في دهشة وذهول ولكن تظل الحقيقة ويبقى الموت حق على رقاب العباد.

ها قد مرّ على رحيله قرابة ستة أعوام وما زال الناس يذكرونه ويتذاكرون أفعاله وإسهاماته المجتمعية، فلقد عُرف المرحوم أبو غازي بكرمه ودماثة خلقه وسعة صدره وتواضعه وعطفه على الصغار واحترامه للكبار وتوقيره للعلماء وطلبة العلوم الدينية.

لقد كان رجل المشورة لسدادة رأيه وفصاحة بيانه وغزارة فكره ورجاحة عقله وخصوصًا في الأمور الاجتماعية. لقد كان حريصًا على مشاركة المجتمع أفراحهم وأتراحهم بل كان تواصله ممتدًّا إلى الجيران من الأخوة من بني خالد ما جعل البعض منهم يشعر بالأسى لرحيله وقد بان ذلك خلال أيام العزاء ومنهم ما زال يذكر محاسنه كلّما سنحت الفرصة للقاء أحد من أهله وأقاربه أو أصدقائه.

لم يكن المرحوم أبو غازي رجلًا عاديًّا مرّ علينا، بل ما زال أيقونة الحب ونموذجًا للعطاء والكرم ولا تمّر الأعياد إلاّ وقد أعدّ لها مائدة تليق بمقام المدعوّين حيث يدعو لها جميع أفراد عائلته وأصدقائه من داخل وخارج البلد.

لقد لعب المرحوم أبو غازي دورًا كبيرًا وبارزًا لجيل الشباب لدوره الكبير في تدشين فريق النيل «نادي الساحل حاليًّا» إذ كان من المؤسسين له وأحد أعضاء إدارته حتى تم تسجيله رسميًّا لدى رعاية الشباب «وزارة الشباب حاليًّا».

لقد تهافت المعزّون من كل حدب وصوب لحضور التشييع وتقديم واجب العزاء وما أن يلحظوا وجود دفترًا يبادرون لتسجيل مشاعرهم وأحاسيسهم ومواقفهم مع الفقيد ما دفع أبنائه إلى إصدار كتابًا بعنوان ”أبو غازي… وكفى“.

إليكم بعض الأقوال المتفرقة في حقه من ذلك الكتاب.

يقول عنه الأخ عباس مهدي خواهر ”كنت أرى أنّه «مجموعة إنسان» حيث تمثلت في شخصه النبل والشهامة وحسن الخلق وطيب المعشر، ولهذا كان «مصلحًا اجتماعيًا» بكل اقتدار وممثلا بهذه الشخصية الفذة أهالي عنك عامة والعليوات خاصة في المحافل والمناسبات الاجتماعية التي حضرها أو شارك فيها لأنّه نموذج يقتدى به“.

ويقول عنه الأستاذ حسن يوسف آل مال الله ”الفقيد العزيز أبو غازي حبيب الجميع وقد كان لرحيله الأثر البالغ في نفوسنا وأكبر شاهد ودليل على ذلك ما شاهده الكثير من الحضور الجم عند تشييعه وخلال أيام العزاء من داخل البلاد ومن خارجها منذ أن سمعوا بنبأ وفاته وذلك لمكانته الاجتماعية التي غرسها في النفوس بتواضعه وعظيم أخلاقه“.

أمّا الأستاذ سطّام عبدالله الزينون نيابة عن بني خالد عامة فيقول في حقه ”كان مثالًا للمثابر المكافح المخلص في عمله المحب لزملائه ورؤسائه ومرؤوسيه ولكل مَنْ عرفه مثالًا للأخلاق العربية الإسلامية من دماثة خلق ومروءة وفزعة ونجده لكل محتاج، محافظًا على الشعائر والواجبات الإسلامية متأسيًا بالأسوة الحسنة للأمة سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد بن عبد الله ﷺ“.

للأخ سعود دعيفس الخالدي كلمة يقول فيها ”الأخ المرحوم أبو غازي من الأصدقاء الذين نعتز بهم لما له من صفات حميدة وحسنة، كان ينبذ الطائفية والعنصرية ويحرص على اللحمة الوطنية ولا يألُ جهدًا في مد يد العون للجميع“.

وعلى صعيد آخر من حياته يقول الأستاذ حسين راضي آل قنبر ”ماذا عساني أن أذكر، إيثاره لي عندما أتيته أستأجر شقة في عمارته لأتزوج فيها فأعطاني شقة في الدور الأرضي وقال لي هذه أفضل لك من الصعود للدور العلوي وكانت مخصصة لابنه الأخ العزيز عبدالباقي «رحمه الله» فآثرني على ابنه، يا له من فقد عظيم“.

في نفس السياق يقول عنه الأخ نايف حمود الخالدي ”فعلًا، أبو غازي، فقيد الكل، فهو فقيد المنطقة وليس فقط عياله وأقربائه، بل فقده أثّر على البعيد ومَنْ كان يعرفه“.

من جهة أخرى يقول الكاتب والأستاذ سلمان منصور العنكي في حق الفقيد أبي غازي ”رجل تملّك القلوب حيًّا وميّتًا، وما ذاك إلّا لصفات أخلاقية وإنسانية تجمّعن فيه، أبرزها التواضع مع الابتسامة“.

ويؤكد على ذلك الدكتور علي عيسى الحجاب حيث يقول ”فمن تواضعه الجم الذي يشعرك في أحيان كثيرة بالخجل إلى عطفه وكرمه «الذي لم أشهد له مثيل»، لكأنّما كتلة من الأخلاق تمشي على الأرض، خُلقه العالي ليس محدودًا بطائفة، طبقة اجتماعية معينة أو عمر، هو يفيض أدبًا جمّا على الصغير، على الكبير، على الغني والفقير الكل لديه سواء“.

أمّا من مملكة البحرين فيقول عنه المرحوم جعفر عبدالنبي بوحميد وهو يخاطب الفقيد بكلماته ”فقد عُرفت بين الناس بحسن الصحبة والأخوة وحسن السيرة والتواضع، وقد كنت شخصًا تنفتح لرؤيته النفوس، وترتاح له القلوب ولذلك شعر الجميع بالخسارة العظمى لرجل عُرف بينهم بالطيبة والتسامح والتواضع“.

لقد كان المرحوم أبو غازي أبًا عطوفًا ورؤوفًا بالأبناء عامة وبأبنائه بشكل خاص. يقول في هذا الصدد ابنه الدكتور غازي ”لقد كنت لي النور الذي أضاء حياتي والنبع الذي أرتوي منه حبًا وعطفًا وحنانًا وكيف لا يكون ذلك وأنت الأب الذي يُشار إليه بشموخ البنان ويفتخر به بين أعاظم الأنام، فهنيئًا لي بك أيّها الأب العظيم“.

وتقول ابنته الكبرى أم محمد موسى آل عيد ”كان والدي نِعمَ الزوج لأمّي باهتمامه بها واحترامه لها، فقد ربّانا على احترام أمّنا وخدمتها وكان أبًا رحيمًا لنا مهتمًّا بكل تفاصيل حياتنا اهتمام المحب الباذل كل ما لديه“.

أمّا ابن أخيه الأخ تركي سعود آل عيد فقد فاق الوصف من مروءة وسخاء ونبل كريم حيث يقول عنه ”كان لوفاته رحمه الله وقع قاس على العائلة وعلى المحبين له لأننا فقدنا رجل وقور، شهم، متواضع، يعمل وينفق بصمت نعم إنّه نِعم السند الرجل الذي فرض احترامه وتقديره على كل مَنْ عرفه“.

وفي نفس الصدد يقول ابن أخيه المهندس علي مكي آل عيد مخاطبًا عمّه ”عمّي، كنت مضربًا في آداب المجالس إذ لم أرك في مجلس قط إلّا وأنت في كامل شخصيّتك ووقارك وهيبتك، كنت تصغي لمحدثك بكل اهتمام وانتباه، لم أسمع منك أبدًا كلمة خادشة أو نابية في أي مجلس“.

بعد كل هذا الثناء من أحبته وأصدقائه وأهله لا يسعني إلّا أن أرفع يدي إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء له بالرحمة والمغفرة والرضوان وأسأله جلّ شأنه أن يحشره مع النبي محمد وآله الأطهار عليهم أفضل الصّلاة والسلام وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

رحم الله مَنْ قرأ وأهدى له ولأسلافه ولجميع المؤمنين والمؤمنات سورة الفاتحة.