لماذا أكتب رغم كل شيء؟
يطرح كل كاتب هذا السؤال بين وقت وآخر: لماذا أكتب؟ ما هو الدافع الحقيقي وراء هذه الكلمات التي أضعها رغم الشك والتعب؟ هل أكتب لأكون مشهورا أو ليعرف اسمي في الصحف والمجلات؟
لو كان هذا كل ما أسعى إليه، فلا أظنني كاتبة بحق فالشهرة شيء زائل لا يروي الروح ولا يشبع العطش الداخلي. فالكتابة ليست سباقا أو تنافسا، بل هي حاجة صادقة من داخل الإنسان ليقول ما لا يجرؤ غيره على قوله.
الكاتب شخص قوي، يكسر القيود ليقول الحقيقة كما يراها، حتى لو لم يتفق معه الجميع. يطرح كلماته رغم النقد والرفض، لأنه يمتلك الشجاعة والصدق.
الكتابة هي عالمي الخاص، حيث ألتقي بنفسي دون أقنعة أو زخرفة. أفرغ فيها أفكاري ومشاعري، وأحيانا أجد فيها الراحة التي أحتاجها. ربما تخفف الألم لكنها لا تمحينه تماما، فهو يبقى حاضرا بشكل أو بآخر.
الكتابة هي العمل الوحيد الذي نعرف أنه غالبا لا يدر مالا، ومع ذلك نستمر فيه. أشبه بها إبرة تطيل من شباب الروح، ومكافأة على إشغال الذهن وتروي الروح دون انتظار مقابل.
لا أنكر أنني أطمح أن يلمس حرف من حروفي إنسانا آخر، أن يجد في كلماتي قوة أو راحة. لا غنى لي عن مشاركة الآخر، وإلا لما نشرت كلماتي.
الكتابة عن الكتابة لا تنتهي، نعود إليها ونكتب عنها كلما تغيرنا بسببها، فكل كلمة تغيرنا قليلا، وكل جملة تولد فينا شعور جديد.
ومن شرفها بأن وصف بها الحفظة الكرام من ملائكته، فقال جلت قدرته:
﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ﴾ [الانفطار: آية 10.11].
أسأل الله أن تكون كتابتي عبادة نافعة، ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون...