آخر تحديث: 12 / 6 / 2025م - 10:28 ص

متخصصان يرسمان خارطة طريق لعلاج ”الشخصية الهستيرية“

جهات الإخبارية

أكد متخصصان في علم النفس أن اضطراب الشخصية الهستيرية، الذي يتجلى في سلوكيات درامية وسعي مفرط للفت الانتباه، لم يعد مستعصيًا على العلاج، بل يمكن التعامل معه بفعالية من خلال نهج متكامل يجمع بين العلاج السلوكي المعرفي والتحليل النفسي العميق، في حال توفر الوعي الذاتي لدى المصاب.

جاء ذلك ضمن حلقة نقاشية من بودكاست ”أصدقاء تعزيز الصحة النفسية“، شاركت فيها الأخصائية النفسية نجاة الموسى، إلى جانب الأخصائي النفسي مصدق الخميس، حيث استعرضا أبعاد هذا الاضطراب، مشيرين إلى أنه نمط نفسي ثابت ينعكس في مظاهر سلوكية حادة تؤثر على جودة حياة الفرد الاجتماعية والمهنية.

ولفتا إلى ظاهرة لافتة، تتمثل في أن الكثير من الحالات الشديدة لا تصل إلى العيادة النفسية بشكل مباشر، بل تلجأ أولاً إلى عيادات طبية أخرى بشكاوى جسدية متكررة، مثل الشلل الهستيري أو فقدان البصر الهستيري، والتي تُظهر الفحوصات خلو الجسم من أي سبب عضوي.

وتكون هذه الأعراض بمثابة حيلة دفاعية غير واعية من العقل لجذب أقصى درجات الاهتمام والرعاية، مما يؤكد على عمق الجانب النفسي للمشكلة.

وأوضحت الموسى أن السلوكيات المرتبطة بهذا الاضطراب تشمل المبالغة في المظهر، والتعبير الانفعالي المفرط، والرغبة المستمرة في إثارة التعاطف، مؤكدة أن هذه السلوكيات غالبًا ما تعود لجذور بيئية تتشكل منذ الطفولة، حينما يتعلم الطفل أن التعبير المفرط هو السبيل الوحيد لنيل الرعاية.

وبيّنت أن العلاج يبدأ من لحظة إدراك الشخص لسلوكياته المبالغ فيها، وتحليل دوافعه اللاواعية، ثم الانتقال إلى مرحلة تعديل هذه الأنماط واستبدالها بأخرى صحية، بما في ذلك بناء تقدير ذاتي داخلي لا يعتمد على اهتمام الآخرين، إلى جانب تحسين جودة العلاقات ووضع حدود واضحة.

من جهته، أشار الخميس إلى أن المصابين بهذا الاضطراب يميلون إلى استعراض المظهر والانفعالات، وتكون علاقاتهم سطحية خوفًا من الالتصاق العاطفي، كما يتخذون من الإغواء أو الدراما أدوات غير واعية لكسب التقدير.

وأكد أن النهج العلاجي الفعال يعتمد على ثلاثة مستويات: تعديل الأعراض الظاهرة عبر العلاج السلوكي المعرفي، فهم المسببات اللاواعية من خلال التحليل النفسي، والتوجيه الأخلاقي لضمان احترافية العملية العلاجية، خاصة في الحالات التي تتطلب التعامل الحساس مع الجنس المعالج.

وكشف الخميس أن بعض الحالات تصل إلى العيادات النفسية بعد معاناة من أعراض جسدية بلا سبب عضوي، مثل الشلل أو فقدان الإحساس، وهي حيل دفاعية غير واعية للفت الانتباه.

ولفت إلى أن المجتمع والبيئة المحيطة يلعبان دورًا رئيسيًا في ترسيخ هذا النمط السلوكي.

وأكد أن نجاح العلاج يتطلب مزيجًا دقيقًا من التوعية، وتعديل السلوك، وفهم الدوافع النفسية العميقة، إلى جانب مواجهة الظروف الاجتماعية المساهمة في تأجيج هذا الاضطراب، بهدف إعادة التوازن بين الذات ومتطلبات الواقع.