خمس نصائح للفتاة قبل عقد الزواج وبعده
مجموعة عناوين إن تباينت معانيها أو تفرقت مهامها، إلا أنها مكملة لبعضها، ومجتمعةً تبني أسرة مستقرة تحل خلافاتها منفردة بعقلانية الطرفين. أتمنى من المقبلات على الزواج قراءتها:
«أ» المعنوية: الفكرية والثقافية والنفسية. يفضل أن يكون بين الخاطب والمخطوبة تقارب وتلاقٍ في الخطوط التي ذكرناها، وهي أهم من المستوى الدراسي الذي يعتمده البعض مقياساً وحده، ”وليس هو كذلك“. والدليل أننا نرى حامل شهادة عُليا يصعب فهمه وإفهامه، حياته مبعثرة، بينما نرى بسيطاً يرسم أهدافاً ويدرسها فيحققها بنجاح، دخله خمسة آلاف وبتدبير وتقنين يكفيه، وذاك بعشرين ألفاً وفي منتصف الشهر يحتاج من يعطيه. ”الشهادة لا تغني عن الثقافة، والفكر يحفظ المال من الضياع“. اتساع الفوارق يعني انعدام الحلول البينية وإنهاءً للعِشرة، وتراكم المشاكل إلى استحالة التعايش بين الاثنين. ومع قسوة الظروف وتدخل الجهلاء والمتطفلين، تخرّ السقوف على الرؤوس. لهذا، لا بد من التوافق المناسب ثم الارتباط.
«ب» الجسمية: وإن كانت هذه المميزات مطلوبة ولها مكانتها وأهميتها، ”فالحسن زينة“، لكنها ليست كسابقتها؛ لأنها مكشوفة ويسهل معرفتها وتقييم سلبياتها الظاهرة، وللوسطية فيها قبول. ”أما العاهات والأمراض الوراثية أو المستعصية فشأنها آخر“. ما يضر إن كان الشعر خشناً والشعور ليناً؟ أو البشرة سوداء والقلب أبيض؟ وماذا ينفع أدعج العينين وهو أعمى البصيرة؟ التركيز على الشكليات وترك ما وراءها خطأ جسيم. خير الأمور أوسطها. إن كنتِ تبحثين عن ”يوسف الصديق“ في جماله وعفته ونبوته، فقد ”طَلَبْتِ مَعْسُورَةً فايْأَسِي مِنَ الظَّفَرِ“.
«ج» السمعة: هي التاريخ الرابط بين الأمس واليوم، والموصلة إلى الغد، وهنا النصيحة بما يلي:
• لا تقرئيها من صفحات الشارع وثرثرة العامة، فإنهم عديمو الإنصاف، بعيدون عن الدقة في النقل، ولا يلتزمون بالمصداقية، شعارهم: ”قالوا وقلنا، كما وصلنا وسمعنا“. خذيها ممن ترينه ناصحاً أميناً من العارفين به: كزملاء الدراسة والعمل، والجيران والمتعاملين معه، أو مرافقيه في الأسفار، ومن تخاصم معه إن أمكن.
• لا تتبعي عوراته السابقة، ”هفواته وأخطاءه وإن كبرت“، طالما تخلى عنها وصححها وتأسف على فعلها. الأغلب في صغره مر بمثلها وإن اختلف المسمى. نزوات الشباب تعترضنا جميعاً، فانظري لبياض اليوم وانسَي سواد الأمس. كذلك الإصابات المرضية التي شُفي منها أو التي لا تمثل عائقاً مع بقائها، يُغض الطرف عنها.
• لا تفتحي له ثغرات سلبية يتخذها وسيلة لإنهاء العلاقة. لا ينبغي أن يطلع أو يسمع منك ما يكره. لكل بيت أسرار، فلا تنثريها بين يديه، بل احتفظي بها. فإفشاؤها من عوامل ضعفك أمامه، فأنتِ لا تعلمين ما تخفيه الأيام، إنها دوّارة.
• لا تتمسكي بالمطالب الترفيهية للتفاخر بها أمام صويحباتك. ”افخري بأخلاقه لا بأمواله“. وإن كنتِ محقة، فاقنعي بما تيسر، وتغاضي عما تعسر إلى حين تحسن وضعه. ”سيجعل الله بعد عسر يسراً“. حذاء عادي وسيارة متواضعة خير من ملابس من ماركات عالمية ومركبة فارهة والديون تلاحقكما.
• إن ساحة الإصلاح متسعة، والحوار والصبر والقناعة فرسانها، وهما يكفيان لإغلاق صفحة مظلمة وفتح صفحات مضيئة. ﴿إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا﴾ [النساء: آية 35]. لا تسعَيْ للخلع إلا بعد استنفاد كل المحاولات واستشارة أصحاب الرأي والاختصاص. ”أتريدين زوجاً معصوماً؟ إنكِ كمن يطلب من الماء جذوة نارٍ“.
تراكِ في نعيم، أو على الأقل في حال أحسن من الكثيرين. [لو كنتِ في بئر ماء عميقة وتعجلتِ الخروج لنقص الأكسجين، وعند فوهتها نار مستعرة، فما يصيبك منها سيحرق جمالك الذي لا يعوض، بحيث يخيف الناظرين من بشاعته، وفي إمكانك أن تقاومي سويعات حتى يخمد اللهب فتمرين بسلام، فماذا أنتِ مختارة وفاعلة؟]. كذلك هو الخلع، فمع التحمل تذهب به الريح وأنتِ في معزة وكرامة، وتتعدينه بسلام.
لا تشغليه عن عمله وأهله ”أمه وأخواته“، ولا عن مهامه بمكالمات غير لازمة وطلعات يومية وكثرة الأسئلة المحرجة. كوني له ولهم مخلصة، وعامليهم كمعاملتك لأمك وأخواتك. لا تصغي للمخربين في ثياب الناصحين، ”إنهم ذئاب في جلباب نعاج“. وإن كانوا قريبين، فتمثلي بإحدى الزوجات التي خاصمت زوجها لأنه أغضب والدته، وما كلمته حتى أرضاها.
بعيداً عن الحقوق والواجبات والمستحبات، الحياة الزوجية تعاون وأخلاقيات. كان هناك من يحضر لك الفطور وكوب الشاي ويرتب ملابسك، أما هنا فعليكِ القيام بهذه المهمات في المكان الجديد، وإن لم يُطلب منك شرعاً، لكن التعامل المتبادل يحتم ذلك. اجعلي دورك دوماً إيجابياً وفعالاً.
مع أنكِ زوجته شرعاً، لا تمكنيه منكِ قبل إشهار الدخول. لا تصحبيه في سفر طويل، فالنتائج وخيمة ومدمرة، ومنها:
• عدم اهتمامه بالدخول المتعارف عليه طالما أن غريزته مشبعة، بينما امتناعكِ يعطيه دافعاً ومحفزاً للمسارعة.
• ستصبحين مستعبدة تنقادين له متى شاء وإن كنتِ كارهة، لأنك عودتيه على ذلك. والأكثر خطراً إن حملتِ، فستستسلمين له ويدخل بكِ مجبراً من غير مراسم الزواج المعتادة، وتضحين للألسن حكاياتٍ بزيادات لا أساس لها.
• لا تأمنيه، فيوماً قد يتخلى عنك وقد أصبحتِ ثيباً ”مطلقة“ لأي خاطب بعده، لا كما تظنين وتتوهمين أنكِ ”مخطوبة وانفصلتِ“.
احسمي موقفك على ضوء ما بان لك منه. ”لا تغرك ثروة أبيه، فهو غير ملزم بالصرف عليه، ولا حتماً سيموت قبله فيرثه“. قرارك بيدكِ، بـ ”لا“ أو ”نعم“. قد تتظاهرين بدءاً بأنك قانعة وتريدين الستر، وأنك لن تكلفيه ما لا يطيق، وأنك ستعيشين معه على الحلوة والمرة، حامدة للنعمة، لا يعنيكِ لمعان الذهب فهو وسخ دنيا، إن أعطى شكرتِ وإن منع صبرتِ، فيخالكِ ﴿لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ [البقرة: آية 273]. والمبطّن هو أن تضعيه فيما بعد أمام الأمر الواقع - كما فعلت صديقتك فلانة - ”فما كل طائر يؤكل لحمه“. حتى يُسر بما سمع ويقول: ”وجدت ضالتي“، ”وافق شن طبقة“. ثم يعقب ذلك مرارة عيش، كلما ألقى عليكِ سؤالاً، قلتِ: ”هل من مزيد؟“، فتختلفان على شرب فنجان قهوة إذا لم يكن في ”المكان الفلاني“، وتقولين: ”طلقني، أنت بخيل، لا قيمة لي عندك، هذا أولها، فكيف بآخرها؟ لقد انكشفت على حقيقتك“. فيفقد الأمل وتخيب الظنون. لا ترفعي سقفاً على قواعد وهمية وأعمدة ملحية، فسيقع عليكِ نائمة أو يقظة.