آخر تحديث: 4 / 8 / 2025م - 11:00 م

كيف تحولت هدايا الطفولة ومكتبات الآباء إلى شغف بتكوين مكتبات شخصية؟

جهات الإخبارية عبدالباري الدخيل - القطيف

في ظل تزايد الاهتمام بالقراءة وتشكيل المكتبات المنزلية، كشفت شهادات لعدد من القراء والمهتمين بالثقافة عن لحظات التأسيس الأولى لعلاقتهم مع الكتاب، تلك اللحظات التي بدأت في سن مبكرة وتحولت مع الزمن إلى مكتبات عامرة، تُشكل عمقًا معرفيًا وهوية شخصية.

وتشير هذه الشهادات إلى أن بدايات القراءة لا ترتبط غالبًا بقرار مدروس، بل تنشأ بدافع الفضول أو البيئة المُشجعة، ثم تتطور لتصبح عادة ثقافية يومية.

ففي تجربة مبكرة، وجد حسين الشيخ نفسه مشدودًا نحو كتب الأطفال خلال المرحلة الابتدائية، حين كان يقتني كتبًا من سلسلة ”من عظماء التاريخ“ من دكانا مجاورة للمدرسة في بلدة القديح، قبل أن يتوسع لاحقًا في شراء أعداد مجلة ماجد الأسبوعية.

وساعده توفر المكتبات المحلية مثل مكتبة مضر ومكتبة البلدي في بناء مكتبته الصغيرة، التي لم تتوقف عن النمو منذ تلك الأيام، بالإضافة إلى مكتبات سيهات الميزان، والصادِقَين والراشد والبلاغة، وغيرها من المكتبات.

بدورها، أوضحت فاطمة الحاجي أن المكتبة كانت جزءًا من أثاث منزل والديها منذ زواجه، ما جعل وجود الكتب في البيت أمرًا طبيعيًا منذ ولادتها.

بينما وصف حسن آل جميعان مسيرته مع الكتاب بأنها لم تبدأ من لحظة واحدة، بل من شغف تراكم تدريجيًا، بدأ بالوضوح في المرحلة الثانوية، حين بدأ الاحتفاظ بالكتب التي يحصل عليها كهدايا أو عبر الشراء الشخصي.

وبعد حصولها على الوظيفة، بدأت زهراء الدخيل في تأسيس مكتبتها الخاصة، مدفوعة في البداية بعشقها لمشهد الكتب أكثر من القراءة ذاتها، ثم تحوّل هذا الإعجاب البصري إلى التزام فعلي بالاقتناء والمطالعة.

أما محمد المبارك، فبدأت علاقته بالكتاب عام 1990 م تقريبًا، حين تأثر بأحد أقاربه من محبي القراءة، ورافقه في زيارات متكررة للمكتبات المحلية. ومع مرور الوقت، أنشأ مكتبته التي يرى أنها شكلت النواة الأولى لحالته الثقافية.

واستعرضت مريم الجارودي تجربتها التي بدأت خلال المرحلة الجامعية، إذ جذبتها رفوف الكتب الأدبية أثناء زيارتها للمكتبات الجامعية، وكانت صديقتها المقربة محفزًا على اقتناء أولى كتبها.

وذكرت هنا عمران أن مكتبة والدها كانت ملاذها المفضل منذ الطفولة، حيث قضت معظم وقتها بين رفوفها، ما جعل الكتاب جزءًا من روتينها اليومي.

في سن العاشرة، بدأت مريم قنيص بجمع القصص والمجلات، وتحوّل شغفها باللغة والشعر إلى حافز لإنشاء مكتبة خاصة بها، تختار عناوينها بدقة وذوق شخصي.

بينما ارتبطت تجربة زينب العبدالله ببداية حياتها الزوجية، حيث كانت أول قطعة ديكور تقتنيها هي مكتبة الحلم التي طالما رغبت بها، لتكون شاهدة على رحلتها القرائية المتنوعة.

وفي طفولتها، بدأت فضيلة اليوسف تكوين مكتبتها الأولى داخل غرفتها، بدعم مباشر من والدها الذي كان يشجع أبناءه على القراءة، إلى أن تحولت تلك الزاوية الصغيرة إلى مكتبة متكاملة خلال العامين الأخيرين، بعد أن تبنّت أسلوبًا مختلفًا في تنظيمها واقتنائها للكتب.

وفي سياق متصل، اعتبر عيسى العيد أن اقتناء الكتب ليس ترفًا، بل ضرورة لا غنى عنها، وأوضح أن شعوره بأهمية وجود الكتاب في المنزل بدأ منذ الطفولة، عندما كانت رفوف مجلس عائلته القديم تعج بالكتب التي كان يتصفحها بشغف.

ومع انتقاله إلى منزله الخاص، لم يتردد في حمل جزء من تلك الكتب معه، إيمانًا بأن الكتاب يجب أن يكون جزءًا أصيلاً من مكونات البيت، ومصدرًا تربويًا لأبنائه.

من جهتها، بدأت إيمان الجيراني تكوين مكتبتها من المرحلة الابتدائية، حيث خصصت رفًا في خزانة ملابسها للاحتفاظ بكتبها، مدفوعة برغبة داخلية في المحافظة على سلامتها.

أما فاطمة البيك، فدفعتها حالة الفراغ بعد التخرج من الجامعة إلى تأسيس مكتبة صغيرة بدأت تنمو تدريجيًا، حتى أصبحت طموحها أن تمتد لتغطي مساحة أوسع في منزلها المستقبلي.

وبروح مماثلة، أنشأت فاطمة الجشي مكتبتها عند بداية حياتها الزوجية قبل 22 عامًا، مدفوعة بحبها العميق للقراءة، وتأثرها بمكتبة والدها الضخمة، التي كانت بمثابة كنز معرفي تستهويها زواياه وتلهمها في كل زيارة.

وبتجربة مختلفة، استثمرت زينب البقال أوقات العزلة خلال جائحة كورونا في تجميع الكتب، ما أدى إلى ولادة مكتبتها التي اكتملت بعد ثلاث سنوات من العمل المتواصل، وتتطلع اليوم إلى توسيعها لتكون أكثر احتواءً وثراءً.

وفي تجربة أخرى، بدأت كريمة الصفار قبل خمسة عشر عامًا في شراء الكتب بشكل عفوي، كلما أعجبها عنوان معين، دون أن يكون في بالها تأسيس مكتبة، إلا أن تراكم الكتب قادها تلقائيًا إلى ذلك، ووجدت نفسها تمتلك مكتبة شخصية دون تخطيط مسبق.