4 سنوات سجن و 5 ملايين ريال غرامة.. أبرز عقوبات النظام التأميني المقترح

أطلقت هيئة التأمين في المملكة العربية السعودية مشروع نظام التأمين الجديد عبر منصة ”استطلاع“، والذي يهدف إلى إحداث نقلة نوعية في تنظيم قطاع التأمين، من خلال إرساء قواعد متينة تضمن الشفافية والعدالة في التعاملات، وتحفّز الابتكار، وتحمي حقوق المستفيدين.
يأتي المشروع كخطوة استراتيجية لدعم استقرار ونمو القطاع وتعزيز الموثوقية فيه، بما ينعكس إيجاباً على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة.
يهدف النظام المقترح إلى تحقيق جملة من الأهداف الجوهرية، أبرزها: استقرار ونمو قطاع التأمين وتحفيز الاستثمار فيه، إلى جانب المساهمة في تحقيق الاستقرار المالي. كما يركز النظام على حماية حقوق حملة وثائق التأمين والمستفيدين منها، وتشجيع المنافسة العادلة وتنظيمها. ولا يقل أهمية عن ذلك تعزيز ثقة المتعاملين في القطاع، وترسيخ مبادئ العلاقة التعاقدية التأمينية، إلى جانب دعم التحول الرقمي والابتكار، وتطوير القطاع عبر التدريب والتوطين.
حدد النظام قيودًا واضحة لمنع الممارسات غير النظامية، حيث لا يجوز لأي شخص مزاولة أعمال التأمين أو إعادة التأمين داخل المملكة دون ترخيص من الهيئة، مع ضرورة الالتزام بأن يكون التأمين وفق أسلوب التأمين التعاوني. كما يحظر النظام الجمع بين نوعي التأمين العام وتأمين الحماية والادخار.
وللحد من الادعاءات الزائفة، شدد النظام على منع أي شخص من الادعاء بأنه شركة تأمين أو إعادة تأمين مرخصة دون الحصول على الترخيص الرسمي، كما يُمنع استخدام المصطلحات المتعلقة بالتأمين في الأسماء أو العلامات التجارية أو الإعلانات لأي جهة غير مرخصة.
من أبرز ملامح المشروع المقترح إنشاء صندوق لحماية حملة وثائق التأمين والمؤمَّن لهم في حال تعثر أو إفلاس أي شركة تأمين أو إعادة تأمين. ويخول النظام للهيئة إصدار اللوائح المنظمة لهذا الصندوق، والتي تشمل تحديد أهدافه وشكله النظامي وآلية تمويله، إلى جانب تحديد المقابل المالي الذي تتحمله شركات التأمين، والمخاطر التي يشملها، والمزايا التي يوفرها.
شروط وإجراءات الترخيص لشركات التأمين
ألزم النظام أي جهة ترغب في مزاولة أعمال التأمين أو إعادة التأمين في المملكة بتقديم طلب رسمي إلى الهيئة، يتضمن كافة المعلومات المطلوبة وسداد المقابل المالي. كما حددت اللوائح المدة الزمنية التي يتوجب على الهيئة خلالها البت في الطلب سواء بالموافقة أو الرفض.
ويشترط للحصول على الترخيص أن يكون مقدم الطلب شركة مساهمة مؤسسة في المملكة أو شركة أجنبية لها مقر دائم داخل السعودية. كما يشترط استيفاء المتطلبات المالية والتنظيمية الأخرى، مع صلاحية الهيئة لرفض الطلبات بناءً على تحليلها لاحتياجات السوق.
ألزم النظام الشركات المرخصة بإنشاء هياكل تنظيمية قوية تشمل نظامًا فعالًا لإدارة المخاطر، وإدارات خاصة للمخاطر، والرقابة الداخلية، والمراجعة الداخلية، والإدارة الاكتوارية. هذه المتطلبات تهدف إلى رفع كفاءة الحوكمة وضمان امتثال الشركات لمتطلبات النزاهة والشفافية.
حدد النظام كذلك الشروط الواجب توافرها في مقدمي خدمات التأمين ”كالوكلاء والوسطاء والمستشارين“، حيث يتطلب الأمر الحصول على ترخيص من الهيئة، وتقديم طلب رسمي يشمل جميع البيانات المطلوبة، وسداد المقابل المالي.
ويشترط للحصول على الترخيص أن يكون مقدم الطلب فردًا مقيمًا أو شركة سعودية أو أجنبية لها مقر دائم بالمملكة. وتلتزم الهيئة بنشر تفاصيل الموافقات أو التعديلات أو إلغاء التراخيص على موقعها الإلكتروني.
كما منح النظام للهيئة صلاحية تعديل أو إلغاء شروط الترخيص في أي وقت، أو فرض شروط إضافية، بما يحقق الصالح العام ويحفظ استقرار القطاع. ويحتفظ مقدم الطلب بحق الاعتراض خلال مدة 30 يومًا من تاريخ الإشعار بالرفض.
أعطى النظام للهيئة صلاحية تعيين موظفين مختصين للقيام بأعمال الرقابة والتفتيش، أو الاستعانة بمراجعين خارجيين عند الحاجة. ويشمل ذلك تفتيش كافة شركات التأمين ومقدمي الخدمات، وكذلك فروع الشركات الأجنبية العاملة داخل المملكة أو التابعة لها خارجها.
كما يفرض النظام التزامًا على جميع الأطراف بتقديم البيانات والمستندات المطلوبة من الهيئة خلال الأطر الزمنية المحددة، مع حظر استخدام أو إفشاء أي بيانات يتم الاطلاع عليها خلال أداء المهام الرقابية.
أبرز ما تضمنه مشروع النظام هو تشكيل لجنة للفصل في المنازعات والمخالفات التأمينية، تختص بالنظر في الدعاوى التي تقع ضمن نطاق النظام والتعليمات الصادرة عن الهيئة. وتملك اللجنة صلاحيات واسعة تشمل استدعاء الشهود، إصدار القرارات، فرض العقوبات، وندب الخبراء.
تتكون اللجنة من دوائر متعددة، ويشمل كل منها ثلاثة أعضاء أصليين وعضو احتياطي، يتم تعيينهم بأمر ملكي لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، مع مراعاة تجنب تضارب المصالح أو صلات القرابة حتى الدرجة الرابعة.
ويُلزم النظام اللجنة ببدء النظر في أي دعوى خلال 14 يومًا من تاريخ الإيداع، مع اشتراط التظلم أمام الهيئة قبل اللجوء إلى اللجنة، والانتظار مدة لا تقل عن 30 يومًا ما لم تصدر الهيئة إذنًا بالإيداع المباشر.
كما أُنشئت لجنة استئنافية للفصل في المنازعات التأمينية، تُشكل من دوائر تضم كل منها ثلاثة أعضاء وعضوًا احتياطيًا، ويصدر تعيينهم أيضًا بأمر ملكي. وتختص اللجنة بالنظر في الطعون المقدمة ضد قرارات لجنة الفصل، وتُعد قراراتها نهائية وملزمة.
ومن صلاحيات اللجنة الاستئنافية إعداد قواعد العمل المنظمة لكلتا اللجنتين، بما في ذلك الدعوى الجماعية والمقابل المالي الذي يُستوفى عند النظر في القضايا.
في إطار سعيها لتعزيز الشفافية والانضباط في قطاع التأمين، طرحت هيئة التأمين مشروع نظام التأمين الجديد عبر منصة ”استطلاع“، والذي تضمن تفصيلاً شاملاً للعقوبات المرتبطة بمخالفة أحكام النظام وللوائح والتعليمات الصادرة تنفيذًا له. ويأتي هذا الطرح استكمالًا للجهود الرامية إلى حماية حقوق المؤمن لهم وتعزيز ثقة المتعاملين في القطاع.
حدد النظام الجديد مجموعة من الإجراءات التي يحق للهيئة اتخاذها في حال رصدت ممارسات مخالفة لأحكام النظام أو تهدد الاستقرار المالي لشركات التأمين، ومنها إصدار الإنذارات، ووقف أو منع بعض الأنشطة، وإعداد خطط تصحيحية تحت إشراف الهيئة، وتعيين مراقبين في مجالس الإدارة دون صلاحيات تصويتية. كما خوَّل النظام الهيئة تعيين مستشارين لإدارة الأعمال على نفقة الجهة المخالفة، ومنع توزيع الأرباح إذا تعارض ذلك مع متطلبات هامش الملاءة المالية، وصولًا إلى تعليق أو إلغاء التراخيص.
وتضمنت الإجراءات أيضًا فرض غرامات تصل إلى خمسة ملايين ريال عن كل مخالفة، بالإضافة إلى المنع من ممارسة أعمال التأمين أو تقديم خدماته، أو حتى العمل في جهات خاضعة لإشراف الهيئة. وأتاح النظام المجال للهيئة لتحديد إجراءات إضافية وفقًا للوائح التنفيذية.
علاوة على الصلاحيات الإدارية، يجيز النظام للهيئة أن تطلب من لجان الفصل في المنازعات والمخالفات التأمينية فرض عقوبات جزائية على الأشخاص المسؤولين عن المخالفات المتعمدة. وتشمل هذه العقوبات السجن لمدد تصل إلى أربع سنوات، وغرامات تصل إلى خمسة ملايين ريال، والحجز على الممتلكات، إضافة إلى تعويض المتضررين أو دفع ما يصل إلى ثلاثة أضعاف المكاسب التي تحققت من المخالفة. كما يمكن للهيئة فرض المنع من السفر على المخالفين.
شدد النظام على أن أي تأخير غير مبرر أو رفض غير مشروع لتسوية مطالبات التأمين، وخصوصًا تلك المتعلقة بالتأمين الإلزامي، يعد مخالفة صريحة تستوجب العقوبة. ويجب على الشركات تسوية المطالبات خلال مدد زمنية محددة وفق ما تفرضه اللوائح التنفيذية. ويعتبر تجاوز هذه المدد دون مبررات قانونية خرقًا للنظام.
ألزم النظام شركات التأمين وإعادة التأمين ومقدمي الخدمات بوضع سياسات وإجراءات داخلية صارمة لرصد ومنع حوادث الاحتيال أو سوء الاستخدام سواء من قبل حاملي الوثائق أو الموظفين أو أي أطراف ذات صلة. كما أقر بأن الاحتيال في هذا القطاع يُعد جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى عامين، وذلك بناء على قرار لجنة الفصل المختصة.
أكد النظام أن مزاولة أعمال التأمين أو تقديم خدماته دون ترخيص يمثل مخالفة صريحة، ويعاقب عليها بالسجن حتى تسعة أشهر ومصادرة العائدات لصالح الهيئة. ورغم ذلك، منح النظام حماية لحملة الوثائق من خلال الإبقاء على عقود التأمين المبرمة مع الجهات غير المرخصة، ما يضمن استمرار حقوقهم في المطالبة بالتعويض.
وشددت اللوائح على أن هذه التدابير لا تمس صلاحيات الهيئة في ردع الممارسات غير النظامية وحماية المؤمن لهم.
منح النظام لجنة الفصل صلاحية توقيع عقوبة السجن حتى تسعة أشهر بحق من يقوم بممارسات مثل الادعاء بالحصول على ترخيص دون وجه حق، أو استخدام مصطلحات ”تأمين“ أو ”إعادة تأمين“ في العلامات التجارية أو الإعلانات بشكل غير مشروع. كما شملت العقوبات من يعيق موظفي الهيئة عن أداء مهامهم، أو من يتعمد إخفاء معلومات جوهرية في عقود التأمين، أو من يزاول خدمات تأمين لا يمتلك ترخيصًا لنوعها.
وتطال العقوبات أيضًا من يهدر أموال الشركات أو يسئ استخدام سلطاته، وكذلك من يخلّ بمتطلبات الفصل بين حسابات أموال العملاء، ومن لا يلتزم بنقل أو تقييد الأسهم بحسب تعليمات الهيئة.
في خطوة لتعزيز الشفافية، أجاز النظام للهيئة نشر تفاصيل المخالفات والعقوبات بما في ذلك نوع المخالفة وطبيعة العقوبة، ما لم يكن النشر ضارًا باستقرار القطاع أو مخالفًا للأنظمة الخاصة بحماية البيانات. كما يُلزم النظام الشخص المخالف بالإفصاح عن العقوبة لأصحاب المصلحة، وفي مقدمتهم حملة الوثائق، خلال المدد الزمنية التي تحددها اللوائح.
من خلال هذا النظام المتكامل للعقوبات، تهدف هيئة التأمين إلى إرساء قواعد صارمة لحوكمة القطاع وضمان التزام الأطراف كافة بالتنظيمات. فالنظام لا يقتصر فقط على الجزاءات، بل يمثل آلية شاملة لضبط الممارسات وتوجيه القطاع نحو بيئة أكثر استقرارًا وموثوقية، في ظل النمو المتسارع في الطلب على خدمات التأمين بأنواعه المختلفة.