مستشار أسري: 86 % من الأزواج المستقرين تلقوا تدريبًا معرفيًا قبل الزواج

أكد المستشار النفسي والأسري، ناصر الراشد، أن نجاح الحياة الزوجية لا يعتمد على الحظ أو النصيب، بل هو نتاج مباشر للمعرفة المسبقة والاستعداد النفسي والاجتماعي.
وأشار إلى أن ما يصل إلى 86% من الأزواج الذين يخضعون لتأهيل معرفي قبل الزواج يتمتعون بعلاقات زوجية ناجحة ومستقرة، وفقًا لدراسة كندية متخصصة.
جاء ذلك خلال الحلقة الثالثة ضمن سلسلة حوارية بعنوان ”أسرار الزواج الناجح“ في ”بودكاست الأصدقاء“ عبر قناة أصدقاء تعزيز الصحة النفسية بالقطيف.
وأكد أن الزواج السعيد لا يعني غياب الخلافات، بل القدرة على إدارتها والتكيف مع الفروقات الفردية.
وبيّن الراشد أن الأزواج الناجحين لا يسعون إلى تغيير بعضهم البعض، بل يتعلمون كيفية التوافق، وتقديم تسويات تحفظ للطرفين هويتهم واستقلاليتهم، دون الوقوع في فخ التنازل المؤذي أو التمسك المفرط بالذات.
وأوضح الراشد أن استقرار المجتمعات يبدأ من استقرار الأسر، التي تمثل المصدر الأساسي لرأس المال البشري.
وشدد على أن تزويد المقبلين على الزواج بالثقافة الأسرية السليمة يرسم لهم خارطة طريق واضحة لمستقبل علاقتهم، ويحصنهم ضد الأفكار المشوهة ومفاهيم الحظ التي قد تقوض أركان الزواج حتى قبل أن يبدأ.
وبيّن أن من أهم أسرار الزواج الناجح هو دخول الطرفين إلى العلاقة برغبة حقيقية في إنجاحها، مدعومة بتوقعات واقعية ومعقولة.
وحذر من أن سقف التوقعات المرتفع، الذي تغذيه أحيانًا مفاهيم ”الاستحقاق“ الشائعة، يضع الأزواج تحت ضغط وقلق مستمرين، مما يعطل وظائف التفكير السليم ويمنعهم من رؤية الجوانب الإيجابية في العلاقة وشريك الحياة.
وأضاف المستشار الأسري أن الأسرار التي كانت تُعتبر خفية في الماضي أصبحت اليوم حقائق علمية مدروسة، حيث كشفت الأبحاث المطولة عن سلوكيات الأزواج السعداء، والتي لا تعني بالضرورة حياة خالية من المشكلات.
وأفاد بأن حتى أكثر الزيجات سعادة تحتوي على فروق فردية، لكن ما يميزها هو قدرة الشريكين على تحقيق ”التوافق الزواجي“، وهو مستوى أرقى من مجرد التكيف، حيث يسعى كل طرف لتعديل بعض سلوكياته للوصول إلى منطقة وسط مُرضية للطرفين.
وشدد الراشد على أن أحد أهم مفاتيح السعادة يكمن في ”تقبل التأثير“ من الشريك، واعتبار الملاحظات فرصة للتحسين والنمو بدلًا من اعتبارها هجومًا شخصيًا.
وأشار إلى أن الزواج هو علاقة نمائية تتطلب قابلية مستمرة للتطور، وهو ما يميز الأزواج أصحاب ”عقلية النمو“ الذين يبحثون إلى المواقف اليومية كفرص لتحسين العلاقة وتعميق الارتباط العاطفي.
وأكد على أهمية ”تقبل التأثير المتبادل“ كأحد أسرار السعادة الزوجية، إلى جانب الوعي بأهمية تنظيم الانفعالات وتقدير اللحظة، باعتبارها مهارات نفسية ضرورية لبناء الثقة.
أوضح أن الزواج ليس علاقة تبادلية مشروطة كما يُصوّره البعض، بل هو نموذج إنساني فريد للتكامل العاطفي.
ولخص الراشد القواعد الأساسية للسعادة الزوجية في ثلاثة محاور مستقاة من النصوص الدينية والدراسات النفسية، وهي: المودة، والرحمة، والمعاشرة بالمعروف أو ما يعرف بالتنظيم الانفعالي.
وأوضح أن المودة هي التعبير الفعلي عن الحب بمكوناته من اهتمام وتقدير واحترام وتفاهم، بينما تمثل الرحمة صمام الأمان الذي يحفظ العلاقة من الظلم عند فتور العاطفة.
وأكد على أن الامتنان والمفاجآت الإيجابية تعد أدوات فعالة لتعزيز السلوك الإيجابي وكسر روتين العلاقة، مما يساهم في الحفاظ على حيويتها واستمرارها.
?si=8euJMQLFB-SbcQC5