الشيخ أبو زيد: الأدب الحسيني خطاب فكري يعزز العدالة ويتجاوز السرديات التاريخية

أكد الشيخ محمد أبو زيد أن الأدب الحسيني يمثل خطابًا فكريًا حيويًا يعزز من حضور قيم الحق والعدالة في الوعي الجمعي، مشيرًا إلى قدرته على إعادة إنتاج السرديات التاريخية بروح نقدية وإنسانية تتجاوز حواجز الزمان والمكان.
جاء ذلك خلال محاضرة ألقاها، مساء الجمعة، بمجلس المقابي في محافظة القطيف، ضمن فعاليات الليلة الثانية من الليالي العاشورائية، والتي حملت عنوان ”الأدب الحسيني.. المناخات الفكرية والثقافية“.
وأوضح أبو زيد أن مسار الأدب شهد تحولات جوهرية، فبعد أن كان يغلب عليه الطابع القبلي القائم على التفاخر قبل الإسلام، دون أن تكون القيم الأخلاقية مكونًا محوريًا فيه، أحدث الدين الإسلامي نقلة نوعية وجهت بوصلة الشعر نحو الفضيلة، مما أسهم في ارتقائه فكريًا وإنسانيًا.
وبيّن أن الأدب المرتبط بأهل البيت مر بنقاط تحول بارزة، حيث مثلت حادثة الغدير منعطفًا مهمًا ألهم العديد من الأدباء، بينما شكلت واقعة كربلاء فيما بعد منبعًا غزيرًا للشعراء للتعبير عن قضايا إنسانية كبرى كالشجاعة والحرية ومناهضة الظلم.
وفي سياق متصل، توقف الشيخ عند نماذج أدبية خالدة، أبرزها ”ملحمة الدمستاني“ التي اعتبرها نموذجًا للأدب المقاوم الذي صمد عبر الزمن.
وشدد على أن الإمام الحسين لا يزال يشكل مصدر إلهام أدبي واسع في العالم الإسلامي، لافتًا إلى أن تأثيره لم يقتصر على الشعر فحسب، بل امتد ليشمل فنونًا أخرى كالمسرح.
واستشهد في هذا الإطار بما قدمه الكاتب المصري الراحل عبد الرحمن الشرقاوي من أعمال مسرحية تناولت الثورة الحسينية.
واستعرض أبو زيد دراسة بحثية سعودية تناولت الحضور الشعري في مناطق المملكة المختلفة، مؤكدًا أن الدراسة خلصت إلى تميز النتاج الأدبي للمنطقة الشرقية، وتحديدًا محافظة القطيف، لما يحمله من عمق عقدي وتجذر تاريخي في مدائح أهل البيت .
وتطرق إلى تجربة الشاعر الكميت بن زيد الأسدي، الذي تميز شعره بروح التسامح التي ارتقت فوق النزعات الطائفية، مما أكسبه انتشارًا وتأثيرًا عابرًا للزمن، خاصة بعد أن ألقى قصائده بين يدي الإمام الصادق .
وأشار إلى التحديات التي واجهت الأدباء في بعض الحقب التاريخية، كالعصر الأموي الذي شهد إخفاء بعض الشعراء لأسمائهم خشية الملاحقة السياسية.
وأبرز في المقابل الدور الكبير الذي لعبه الأئمة في رعاية الشعراء، سواء من خلال الدعم المعنوي أو المكافآت المادية، وهو ما أتاح بيئة خصبة ساعدت على ازدهار الأدب المرتبط بالمدرسة الحسينية واستمراريته حتى يومنا هذا.