الشيخ عمير: الأنبياء واجهوا العقل الجمعي حينما انحرف عن الفطرة

أكد الشيخ محمد عمير أن الرسالات السماوية حملت مشروعاً إصلاحياً عميقاً، لم يقتصر على الدعوة للعبادة فحسب، بل امتد لمواجهة الانحرافات الفكرية والسلوكية التي تتبناها المجتمعات.
وأشار إلى أن الأنبياء تميزوا بالقوة والبصيرة اللازمة لتحدي ”العقل الجمعي“ حينما ينحرف عن الفطرة السليمة.
جاء ذلك خلال محاضرته بعنوان ”حينما يتحدى الأنبياء“، التي ألقاها مساء السبت في مسجد الرسالة بالقطيف، ضمن فعاليات الليلة الثالثة من شهر محرم الحرام.
وأوضح الشيخ عمير أن جوهر التحدي النبوي كان يهدف إلى إعادة المجتمع لمساره الطبيعي القائم على العدل والحق.
وبيّن أن هذا الهدف وضعهم في مواجهة مباشرة مع الأعراف والتقاليد التي ترسخت كحقائق ثابتة، رغم تعارضها مع المبادئ الفطرية.
واستعرض نماذج تاريخية لهذه المواجهة الفكرية، فبدأ بنبي الله إبراهيم الذي لم يواجه أصنام الحجارة فقط، بل واجه العقل الجمعي الذي يقدسها.
وأشار إلى أن الخليل استخدم المنطق في حواره مع قومه حول الكواكب، ثم لجأ إلى تحطيم الأصنام كخطوة عملية لإجبارهم على مراجعة قناعاتهم الموروثة وإيقاظ فطرتهم.
وتطرق إلى تحدي النبي لوط ، الذي وقف بصلابة ضد منظومة كاملة طبّعت مع الفاحشة والانحراف الأخلاقي، وجعلت منه سلوكاً اجتماعياً مقبولاً.
وأبرز الشيخ عمير أن رد قوم لوط بمحاولة طرده ومن معه لم يكن لجريمة ارتكبوها، بل لمجرد أنهم ”أناس يتطهرون“، وهو ما يوضح كيف يمكن للعقل الجمعي أن يعتبر الاستقامة والطهارة تهمة تستدعي النبذ حينما يبلغ الانحراف مداه.
وفي المحور الأخير، تطرق الشيخ إلى موقف النبي موسى من منظومة فرعون، معتبرًا إياه رمزًا للمواجهة الصريحة للخداع والجبروت، وكيف أن دعوته إلى التوحيد هزّت أركان السلطة المستبدة.
وأبرز كيف واجه موسى اتهامه بالسحر والكذب بالقوة، وكيف رد فرعون على دعوته بالقمع ومحاولة القتل، متذرعًا بخوفه من أن يبدل موسى دين الناس أو يظهر في الأرض الفساد.
وأشار الشيخ عمير إلى أن هذه النماذج النبوية لم تكن مجرد قصص، بل دروسًا حيّة تدعو الأفراد والمجتمعات اليوم إلى مراجعة منظوماتهم الثقافية والاجتماعية، ومواجهة الانحراف بكل حكمة وثبات.
وربط الشيخ عمير بين هذه المواجهات النبوية ومسيرة الإمام الحسين ، الذي وقف متحدياً لانحراف الأمة عن مسارها الصحيح.
وأكد أن نهجه هو امتداد طبيعي لمسيرة الأنبياء في السعي لإعادة المجتمع إلى فطرته القائمة على الحق والعدل، ومواجهة الباطل مهما بدا متجذراً في العرف الاجتماعي.