فتاة تُستدرج للإدمان.. وأطفال في 12 عامًا يروّجون وسط صمت الأسر

دق خبراء في علم السموم وعلاج الإدمان ناقوس الخطر حول تفشي أنواع فتاكة من المخدرات في المملكة، مؤكدين أن الوضع الراهن يتطلب تحركًا جادًا ومتكاملًا من الأسرة والمجتمع والمؤسسات المعنية لحماية جيل الشباب من آفة مدمرة تهدد مستقبلهم وأمن الوطن.
وفي هذا السياق، كشف استشاري علم السموم الجنائي، الدكتور عبدالعزيز الدلقان، أن حبوب الكبتاجون تتصدر قائمة المخدرات الأكثر انتشارًا في المملكة.
وأستند إلى إحصائيات رسمية صادرة عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، بالإضافة إلى بيانات الضبطيات الضخمة التي تعلن عنها المديرية العامة لمكافحة المخدرات بشكل دوري.
وأشار إلى أن المملكة تُصنف منذ عام 2011 ضمن أكثر دول العالم تسجيلًا لضبطيات مادة الأمفيتامين، التي تشكل المكون الأساسي للكبتاجون.
وحذر الدلقان من أن خطورة هذه المواد لا تكمن في انتشارها فحسب، بل في طريقة تصنيعها المميتة، حيث أوضح أن معظمها يُخلط في مختبرات سرية بمواد سامة وشديدة الضرر مثل منظفات الحمامات ومواد كيميائية أخرى غير صالحة للاستهلاك الآدمي، مما يزيد من سميتها ويجعل جرعات ضئيلة منها كافية لإحداث الوفاة.
وبيّن أن مخدرات مثل الشبو ”الميثامفيتامين“ والكوكاين والهيروين يمكن أن تكون قاتلة من جرعة واحدة، خاصة إذا كانت مغشوشة أو تم تناولها مع مواد أخرى.
وعن التأثير المدمر لمخدر الشبو على وجه الخصوص، أكد الدلقان أنه يتسبب في تلف دائم للخلايا العصبية بالدماغ، ويؤدي إلى تغيرات سلوكية عنيفة تدفع المتعاطي لارتكاب جرائم بشعة وغير مألوفة.
واستشهد بحوادث مؤلمة شهدتها المملكة ودول مجاورة، مثل إقدام متعاطين تحت تأثير الشبو على ارتكاب جرائم قتل وحرق بحق أفراد من أسرهم، مما يعكس مستوى الخطر الذي يمثله هذا المخدر على الفرد والمجتمع.
من جانبه، تطرق الأخصائي في علاج الإدمان، سطام السهلي، إلى الجذور الاجتماعية والنفسية للمشكلة، موضحًا أن الإدمان غالبًا ما يبدأ بتأثير خارجي من صديق أو شخص مقرب يزين المادة المخدرة للمراهق كوسيلة زائفة للهروب من الواقع أو تحقيق السعادة.
وأكد أن غياب الوعي وافتقار الأبناء لمهارات الرفض يجعلهم فريسة سهلة لهذه التأثيرات المدمرة.
وشدد السهلي على أن تركيز بعض الأسر على أسلوب العقاب بدلًا من الحوار والتوعية يُعد من أكبر الأخطاء التربوية، حيث أن الفضول وحب التجربة وإثبات الذات غالبًا ما تكون الدوافع الأولية للتعاطي.
وكشف عن واقع مقلق يتمثل في استقبال مراكز العلاج حالات لأطفال لا تتجاوز أعمارهم 12 عامًا، خاصة في البيئات الأسرية التي يوجد بها فرد مدمن.
وحث الأسر على الانتباه للمؤشرات المبكرة مثل العزلة وتغير الأصدقاء وتراجع المستوى الدراسي، والتي قد تظهر قبل الوصول إلى مرحلة الإدمان الكامل.
وروى السهلي قصة واقعية لفتاة تم استدراجها تدريجيًا إلى عالم التعاطي من قبل صديقاتها، لتجد نفسها لاحقًا ضحية للابتزاز والاستغلال في ترويج المخدرات، قبل أن تنجح في اللجوء للجهات المختصة التي قدمت لها الحماية والعلاج بسرية تامة، لتعود إلى حياتها الطبيعية.
وبين أن عقل الأبناء وعاء فارغ، فإن لم يملأه الأهل بالقيم والمعرفة الصحيحة، سيملأه أصدقاء السوء بالوهم والسموم.