آخر تحديث: 4 / 8 / 2025م - 3:34 م

السيد الخباز: الدعاء يعمل عبر ”شفرة كونية“ تؤثر في الدماغ والجسد

جهات الإخبارية

في طرحٍ يتجاوز المفهوم التقليدي للدعاء، سلّط السيد منير الخباز الضوء على بُعد علمي وروحي عميق، موضحًا أن الدعاء لا يقتصر على كونه تضرعًا لفظيًا، بل يعمل عبر ”شفرة كونية“ تنشط الجهاز العصبي وتمنح الإنسان شعورًا بالسكينة والتوازن.

واستعرض الخباز، من خلال مقاربات قرآنية وأبحاث علمية حديثة، كيف يتفاعل الذكر مع بنية الدماغ، مؤكدًا أن الدعاء يُعيد تشكيل الوعي ويحرّر الإنسان من التوتر والضيق، في تجربة روحية تتقاطع مع فهم علم الأعصاب الحديث.

جاء ذلك في محاضرته التي ألقاها بالمركز الإسلامي في ديربورن بالولايات المتحدة الأمريكية، تحت عنوان ”لماذا ندعو الله ولا يستجاب لدعائنا؟“.

وأكد السيد الخباز أن الدعاء ليس مجرد طقس تعبدي، بل هو عملية نفسية وعصبية معقدة تلبي حاجات فطرية عميقة لدى الإنسان.

وأوضح أن حقيقته تتجاوز التمني السطحي لتصل إلى كونها ”شفرة كونية“ تربط الإنسان بالوجود، وأداة فعالة لتحقيق السلام الداخلي ومواجهة تحديات الحياة.

أكد السيد الخباز أن الإجابة تكمن في تحويل الشعور الداخلي من الغنى والاستكفاء إلى الفقر والحاجة المطلقة للخالق، وهو ما يمثل جوهر العبادة وأساس استثارة العقل الباطن لتحقيق التغيير المنشود.

واستشهد برؤى علمية حديثة لتعزيز طرحه، حيث أشار إلى توصل فريق بحثي من جامعتي دلفت الهولندية وآخن الألمانية إلى رصد ما يشبه ”محادثة بين ذرتين“ عبر تبادل الإشارات.

وأعتبر ذلك تقاطعاً علمياً مع المفهوم القرآني القائل بأن كل شيء في الكون يسبح بحمده وله لغته الخاصة.

وشدد على أن ”ذكر الله“ هو بمثابة شفرة خفية كامنة في صميم كل كائن حي.

وفي سياق متصل، أبرز الخباز التأثير المباشر للدعاء على الصحة النفسية والجسدية.

واستشهد بأبحاث في علم الأعصاب، مثل كتابات الدكتور أندرو نيوبرج، التي أثبتت أن ممارسات الصلاة والدعاء تعزز الأداء العصبي للدماغ وتساهم بفاعلية في تحسين الصحة العامة ومنح شعور عميق بالأمان والسلام.

وأكد أن القرآن الكريم قد ركز على القلب باعتباره وعاء الاطمئنان الذي لا يهدأ إلا بذكر الله.

ولفت إلى أن العديد من التساؤلات حول عدم استجابة الدعاء تنبع من غفلة عن شروطه الأساسية، موضحاً أن الإمام الصادق قد وضع خارطة طريق تضمن أن يكون الدعاء نابعًا من قلب حاضر.

وأوضح أن ”جهة الدعاء“ الصحيحة تبدأ بالحمد والثناء على الله، ثم استذكار نعمه وشكرها، والصلاة على النبي محمد وآله، وبعدها الإقرار بالذنوب والاستغفار منها، لتأتي مرحلة الطلب في النهاية.

وأضاف أن الدعاء يلبي حاجة فطرية لدى الإنسان للتنفيس وبث الشكوى، معتبراً أن كبت الآلام الداخلية قد يؤدي إلى الكآبة واليأس، بينما توفر الخلوة مع الله فرصة ثمينة لتفريغ الشحنات السلبية.

وأوضح أن الدعاء يمثل تمرينًا عمليًا للخروج من الأنانية وتنمية الضمير الاجتماعي، وذلك من خلال الدعاء للآخرين، حتى لمن أساء، وهو ما وصفه بأنه قمة التدريب على التسامي وتجاوز الذات.