الشيخ عمير يدعو إلى ”ميثاق رقمي“ لمواجهة ”نقمة“ التكنولوجيا الأسرية

في تشخيص دقيق للتصدعات الصامتة التي أحدثتها التقنيات الحديثة داخل البيوت، قدم الشيخ محمد عمير طرحاً عملياً لمواجهة ما وصفه بـ ”نقمة“ التكنولوجيا على الحياة الأسرية، داعياً إلى ضرورة صياغة ”ميثاق رقمي“ عائلي كأداة لا غنى عنها لتحصين خصوصية الأسرة وتعزيز الثقة بين أفرادها.
جاء ذلك ضمن محاضرته ”الأسرة تتحدى“ التي ألقاها ليلة الثامن من محرم بمسجد الرسالة في محافظة القطيف.
وقدم خلال المحاضرة خارطة طريق متكاملة تهدف إلى تحصين ”الميثاق الغليظ“ الذي يربط بين الزوجين، وتعزيز قدرة الأسر على مواجهة ضغوط الحياة والإغراءات الرقمية.
وأوضح الشيخ عمير أن التكنولوجيا، التي تعد نعمة في أصلها، قد تحولت إلى نقمة حقيقية تهدد استقرار آلاف الأسر حين يُساء استخدامها.
وأشار إلى أن ضغوط الحياة المهنية التي تستنزف طاقة الزوجين، مقترنةً بالإغراءات التي يقدمها الفضاء الرقمي، تخلق فجوة عاطفية خطيرة، وتدفع البعض للبحث عن إشباع وهمي خارج نطاق ”الميثاق الغليظ“، مما يفتح الباب على مصراعيه للشك والريبة ويهدد كيان الأسرة بأكمله.
وفي مواجهة هذا التحدي، شدد عمير على أن الحل لا يكمن في مقاطعة التكنولوجيا، بل في إدارتها بوعي، مقترحاً ”الميثاق الرقمي“ كآلية فاعلة.
وبيّن أن هذا الميثاق هو بمثابة اتفاق واعٍ بين جميع أفراد الأسرة، يضع حدوداً واضحة لاستخدام الأجهزة الذكية، ويحدد أوقاتاً مخصصة للتواصل الأسري الحقيقي بعيداً عن الشاشات، مما يضمن الشفافية ويغلق منافذ الخلافات المحتملة.
ولم يغفل الشيخ تأثير هذه ”النقمة“ على تربية الأبناء، محذراً من أن الفضاء الإلكتروني قد انتزع دور ”المرشد الأول“ من الآباء والأمهات.
وأكد أن التركيز الحصري على التحصيل الدراسي وإهمال بناء الوازع الديني والقيمي يترك الأبناء فريسة سهلة للمؤثرات الثقافية الدخيلة. وهنا يبرز دور الميثاق الرقمي كأداة تربوية تتيح للوالدين استعادة زمام المبادرة وتوجيه أبنائهم في عالمهم الافتراضي.
ولمواجهة هذه التحديات، دعا الشيخ عمير إلى ضرورة العودة لجوهر العلاقة الزوجية باعتبارها مسؤولية مشتركة وسعياً متبادلاً لتحقيق ”قرة العين“.
واقترح آليات عملية كوضع ”جدول مرن“ للحياة الأسرية يكسر روتين الانشغال الدائم، وصياغة ”ميثاق رقمي“ عائلي يضمن الشفافية ويضع حدوداً واضحة لاستخدام الأجهزة الذكية، بما يعزز الثقة ويغلق أبواب الشك والريبة بين أفراد الأسرة.
وأكد على أن الظواهر الاجتماعية المقلقة، كعزوف الشباب عن الزواج أو الطلاق المتأخر، ترتبط بشكل وثيق بغياب الفهم الحقيقي لأهداف الأسرة وكيفية التعامل مع تحديات العصر.
وأكد أن الحل لا يكمن في تجنب الارتباط، بل في فهم غاياته السامية وحسن الاختيار، مع ضرورة الاستعانة بالمشورة المتخصصة والعقلانية لتجاوز الأزمات الأسرية بحكمة بدلاً من الهروب منها.