قبل الجسور.. صورة توثق رحلة ”القاري“ بين القطيف وجزيرة تاروت

كشفت صورة تاريخية نادرة تعود لعام 1959 م عن وسيلة نقل تقليدية كانت تُستخدم لعبور البحر بين محافظة القطيف وجزيرة تاروت، تُعرف باسم ”القاري“.
و”القاري“ عربة خشبية بدائية تجرها الحمير، كانت تعتمد على انخفاض منسوب البحر في أوقات الجزر لقطع المسافة بين اليابستين.
وتسلّط هذه الصورة الضوء على واحدة من أبرز ملامح الحياة اليومية في المنطقة الشرقية خلال منتصف القرن الماضي، حيث كان سكان القطيف وجزيرة تاروت يعتمدون على ”القاري“ للتنقل ونقل البضائع، مستفيدين من انخفاض منسوب المياه أثناء الجزر لقطع المسافة بين المدينتين عبر المسارات الرملية.
وتُظهر الصورة مجموعة من الزوار الأجانب أثناء تنقلهم على ظهر ”القاري“ وسط المسارات الرملية التي كانت تظهر عند انحسار البحر، ما يُبرز مشهدًا فريدًا من حياة أهل الساحل في المنطقة الشرقية، قبل تشييد الجسور وشبكات الطرق الحديثة.
وتعكس الصورة النادرة جانبًا من التفاعل الثقافي والحضاري، حيث يظهر فيها الزوار الأجانب يخوضون تجربة التنقل التقليدي وسط بيئة بحرية، في مشهد يُجسد نمط الحياة في القطيف وجزيرة تاروت قبل أكثر من ستة عقود.
ويُعد ”القاري“ أحد أبرز وسائل النقل الشعبية التي استخدمت في تلك الفترة لنقل الركاب والبضائع بين المناطق الساحلية، حيث صُمّم ليكون خفيفًا وسهل الحركة فوق الرمال الرطبة والطين البحري، وقد شكّل آنذاك حلقة وصل حيوية بين القطيف وجزيرة تاروت خاصة عند الجزر.
ويروي أهالي جزيرة تاروت أن استخدام ”القاري“ كان يرتبط بدقة في حسابات المد والجزر، إذ كان سكان الساحل يحددون توقيت العبور استنادًا إلى انخفاض مستوى المياه، مستفيدين من المسارات الطبيعية التي تكشفها حركة البحر اليومية.
وكانت الرحلة عبر ”القاري“ تجربة فريدة، تجمع بين عبور البحر على اليابسة واستكشاف الحياة الساحلية، كما مثّلت مشهدًا مألوفًا للزوار الذين يأتون لاكتشاف نمط العيش المحلي.
ومع تطور البنية التحتية وافتتاح الجسور، اختفى استخدام ”القاري“ تدريجيًا، لكنه بقي راسخًا في الذاكرة الشعبية كرمز لحياة ما قبل الحداثة في المنطقة.
وتأتي أهمية هذه الصورة النادرة من كونها تسجل لحظة تاريخية تلخص روح التنقل التقليدي، وتعكس التفاعل الثقافي بين أهالي المنطقة وزوارها، كما تفتح نافذة على تطور وسائل النقل في القطيف وجزيرة تاروت خلال العقود الماضية.