آخر تحديث: 16 / 8 / 2025م - 6:02 م

كبرنا حتى انكشفت الوجوه وتبدّلت المعاني

زكي الجوهر *

حين كبرنا، أدركنا أن ضحكة الأم كانت تكسو جرحًا، وأن صمت الأب كان يخبئ حكايات من التعب والحنين.

كبرنا…

حتى عرفنا أن لا بسمة تضاهي ضحكة الأم.

حتى فهمنا أن الأشياء ليست كما تبدو، وأن الطيبين لا يُخلَّدون، وأن الحياة لا تمضي دائمًا كما نشتهي.

حين صار من كان يمسك بيدنا يعجز عن الوقوف وحده.

حين اكتشفنا أن اللعب ليس هدفًا، وأن السعادة لا تُشترى، وأن الأمان لا يُبنى من جدران، بل من قلوب.

كبرنا…

فعرفنا أن الاعتذار لا يُنقص من هيبتنا، وأن الخلاف لا يعني الكره، وأن الرحيل لا ينتظر دائمًا الوداع.

وأن بعض العلاقات كانت مؤقتة رغم وعدها بالبقاء، وبعض الأحلام لم تُخلق لتتحقق، بل لتعلّمنا كيف نحلم.

حين مررنا على الأماكن التي كانت تُبكينا فابتسمنا… لا لأن الألم انتهى، بل لأننا تعافينا.

كبرنا…

حتى عرفنا أن من يحبك لا يؤذيك، ومن يرحل دون سبب لا يستحق العودة.

وأن القوة ليست في الصمود دائمًا، بل في الاعتراف بضعفنا حين نحتاج، وطلب العون من الله ثم من الناس.

حين صار الحنين عبئًا، والذكريات وطنًا لا يسكنه أحد.

كبرنا…

فعرفنا أن أجمل الأيام ربما مضت، لكن القادم أجمل لمن يحسن الظن بالله.

وأدركنا أن النضج لا يُقاس بالعمر، بل بتجارب كسرتنا وأعادت تشكيلنا.

حين صرنا نخفي دموعنا بابتسامة، ونخفي خوفنا بصمت، ونمضي وكأن شيئًا لم يكن.

حين فهمنا أن السلام الداخلي أغلى من أي انتصار، وأن خسارة بعض الأشخاص كانت رحمة لا نعلمها.

كبرنا… وما زلنا نتعلّم.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
فاطمة المحروس
[ سنابس ]: 10 / 8 / 2025م - 5:10 م
كلامك عن بعض العلاقات المؤقتة رغم وعدها بالبقاء ذكرني بمواقف شخصية. أحيانا رب العالمين يبعد عنك أشخاص عشان يفتح لك مجال لسلام داخلي أكبر
2
عبدالله آل يوسف
[ صفوى ]: 10 / 8 / 2025م - 7:22 م
يا أستاذ زكي فكرة أن النضج لا يقاس بالعمر بل بالتجارب تختصر فلسفة الحياة. في ناس تعيش سنين طويلة وما تتغير وناس تتغير في لحظة.