آخر تحديث: 25 / 9 / 2025م - 2:37 ص

الوطنية أفعال قبل أن تكون كلمات

سراج علي أبو السعود *

لا يصنعك وطنياً مجرد كتابة مقال عن الوطن، ولا أن تتوشّح بعَلَمه أو تُلبس أبناءك ألوانه. فالوطنية في جوهرها أبعد من ذلك بكثير، إنها التزام بالقانون، واحترام للنظام، ورعاية للآداب العامة والحقوق والواجبات. ماذا أصنع بمقال يكتبه رجل عن الوطنية وهو يستغل نفوذه الوظيفي لظلم الناس؟! وماذا أفعل ببلوزة يلبسها من يخفض سرعته فقط عند كاميرات «ساهر» ثم يطلق العنان بعدها؟! أو بعَلَم يرفعه من يرمي الأوساخ في الطريق؟! الوطنية ليست ادّعاءات تُرفع في المناسبات، بل سلوك يُترجم في الواقع، فمن ادّعى الوطنية فليعلم أنها أفعال صادقة وليست شعارات جوفاء.

الوطنية كما أفهمها سلوك يتسم بالنزاهة من جانب، وببذل الجهد في رفعة الوطن من جانب آخر. فالنهوض بالوطن مشروع يشارك فيه الجميع، كلٌّ من موقعه. وقد عبّر روسو عن ذلك في كتابه العقد الاجتماعي قائلاً:

”كل واحد منا يضع شخصه وكل قوته مشتركين تحت التوجيه الأعلى للإرادة العامة، وبصفتنا جماعة موحَّدة نستقبل كل عضو كجزء لا يتجزأ من الكل.“ «العقد الاجتماعي، الكتاب الأول، الفصل السادس»

فتعليمك لابنك وتزويده بأسباب التفوق، أو التزامك بالنظام والوقوف في الطابور، أو حفاظك على القوانين في أبسط تفاصيل الحياة، كلها أفعال صغيرة تصب في النهر الكبير الذي يصون الوطن ويضمن نهضته. وهكذا تتضح الوطنية الحقّة لا كادعاء أو مظهر عابر، بل كسلوك منضبط ومخلص يُسهم في ارتقاء البلد إلى حيث أسمى الدرجات.

من المهم أن نثمّن الجهود الكريمة التي بذلها قادة هذا البلد في مكافحة صور الفساد ومظاهر مخالفة القانون. فالفساد هو العائق الأكبر أمام نهضة المجتمعات، وحين يُكبح، فإن الوطن لا بد أن يسير بخطى واثقة نحو أرقى المراتب، وهذا ما نلمسه اليوم في واقعنا. وإن المستقبل بإذن الله يحمل لهذا الوطن المزيد من أسباب التقدم والنماء في ظل حكومة آلت على نفسها تحقيق العدل والوقوف سدّاً منيعاً أمام الفساد. فإلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله وكافة الشعب السعودي الكريم أرفع التهنئة الصادقة، سائلاً المولى سبحانه أن يديم علينا نعمة الأمن والاستقرار، وأن يحقق لنا ما نصبو إليه من رفعة وتقدّم، لنرى وطننا في أعلى الدرجات وأبهى الصور.