المملكة تعزز توجهاتها التنموية المستدامة.. دارين وتاروت في قلب المبادرات
في إطار المساعي الوطنية لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة تعزز مكانة المملكة في مجالات السياحة والبيئة والثقافة، تواصل جزيرة دارين وتاروت مسيرتها التنموية بدعم ورعاية من صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، أمير المنطقة الشرقية، الذي يولي اهتمامًا كبيرًا بالمشاريع التي تسهم في تطوير المحافظات والمناطق الحيوية في المنطقة الشرقية.
وقد كان لسموه دور قوي ومؤثر في دعم مشروع تطوير جزيرة دارين وتاروت، من خلال متابعته المستمرة، وتوجيهاته السديدة التي ساهمت في تهيئة البيئة المناسبة لانطلاق هذه المبادرة الطموحة. كما تحظى الجهود التنموية كذلك بمتابعة دقيقة من سمو نائب أمير المنطقة الشرقية، الأمير سعود بن بندر بن عبدالعزيز، الذي يضطلع بدور إشرافي فعّال ضمن منظومة الدعم القيادي لهذا المشروع النوعي.
لم تكن قصة تطوير جزيرة دارين وتاروت وليدة اللحظة، بل جاءت بعد دراسة معمقة وإدراك واضح لأهمية الموقع الجغرافي والتاريخي الذي تتمتع به الجزيرة. منذ سنوات، بدأت المؤشرات تدل على أن هذه الجزر تحمل في طياتها إمكانيات هائلة للاستثمار في السياحة البيئية، وتنمية المجتمعات المحلية، والحفاظ على التراث الثقافي الفريد.
وقد جاء تأسيس مؤسسة تطوير جزيرة دارين وتاروت كخطوة محورية لتنظيم وتنسيق الجهود، حيث لم تعد هناك رؤية فردية أو مشاريع متفرقة، بل خطة شاملة تتبناها المؤسسة، مدعومة بقيادة حكيمة تتمثل في مجلس إدارة تم تشكيله مؤخرًا برئاسة معالي المهندس أحمد بن عبدالعزيز العقيل، الذي يقود الفريق بخبرة واسعة في مجالات التنمية المستدامة.
تحت مظلة مجلس الإدارة، تم وضع استراتيجيات واضحة، وتحليل دقيق للفرص والتحديات التي تواجه المشروع. ضم المجلس نخبة من الكفاءات الوطنية التي تعمل بتناغم، فتساهم في دفع عجلة التطوير بشكل منهجي ومنظم. ولا يقتصر دور المجلس على التخطيط فقط، بل يمتد إلى متابعة التنفيذ وضمان الجودة وتحقيق الأثر المرجو على أرض الواقع.
هذه الخطوة لم تكن مجرد حوكمة، بل تأكيد على أن التطوير سيظل مرتبطًا بالهوية المحلية والثقافية للجزيرة، مع التركيز على إشراك المجتمع المحلي وتمكينه، لضمان استدامة التنمية وفوائدها.
عقدت المؤسسة شراكة استراتيجية مع أكاديمية ريف السعودية، التي أضافت بعدًا تعليميًا وتدريبيًا للمشروع. وحرصًا على عدم الاقتصار على التخطيط النظري، نفذ الطرفان جولات ميدانية لتعريف الفرق بخبايا وتفاصيل الجزيرة، ما ساعد في فهم الاحتياجات الحقيقية ووضع أولويات مستندة إلى واقع ملموس.
لم تقتصر جهود تطوير جزيرة دارين وتاروت على التخطيط والمناقشات النظرية فقط، بل تجسدت الرؤية المشتركة عمليًا من خلال جولة ميدانية قام بها وفد المؤسسة والأكاديمية على عدد من المواقع البارزة في الجزيرة. هدفت هذه الجولة إلى تقييم الإمكانات الحقيقية للجزيرة على أرض الواقع، والتعرف عن قرب على الخصائص الطبيعية، البيئية، والثقافية التي تميز الجزيرة.
خلال الجولة، تم الاطلاع على المواقع التي ستشهد مشاريع تطوير سياحية وبيئية، وتم تحديد الأولويات بناءً على الاحتياجات الفعلية والتحديات التي تواجهها الجزيرة. كما ناقش الفريق آليات تنفيذ المبادرات بما يضمن التناغم التام مع طبيعة وهوية المكان، مع التأكيد على أهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية والتراث الثقافي.
كانت الجولة فرصة لتبادل الأفكار والملاحظات الميدانية، التي ساهمت في صياغة خطط أكثر واقعية وقابلية للتنفيذ، مع التركيز على خلق تأثير إيجابي ومستدام للمجتمع المحلي، وفتح آفاق جديدة للنمو الاقتصادي والسياحي.
تشهد المملكة العربية السعودية تحولًا غير مسبوق في قطاع السياحة، مع فتح أبوابها للعالم وتعزيز مكانتها كوجهة سياحية عالمية متميزة. يأتي ذلك ضمن إطار رؤية 2030 التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل الوطني، وخلق بيئة جاذبة للاستثمار في السياحة والترفيه، وتعزيز دور القطاع الخاص.
في هذا السياق، يُعد مشروع تطوير جزيرة دارين وتاروت نموذجًا حيًا لهذا التوجه الطموح، حيث يمثل فرصة فريدة لاستثمار الموارد الطبيعية والثقافية في تعزيز القطاع السياحي، وإثراء التجربة السياحية بوجهات جديدة ذات طابع بيئي وتراثي. كما تتيح هذه المشاريع فرص عمل واسعة للشباب، وترسيخ مفهوم التنمية المستدامة الذي يحافظ على البيئة ويضمن استدامة الموارد.
لا يمكن فهم هذا المشروع بمعزل عن رؤية المملكة 2030 التي وضعت التنمية المستدامة على رأس أولوياتها. الجزيرة تمثل نموذجًا عمليًا لكيفية تطبيق هذه الرؤية على أرض الواقع، حيث تُدمج الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في حزمة متكاملة.
دعم القيادة الرشيدة لهذه المشاريع يعكس حرص المملكة على بناء مستقبل أكثر استدامة ورخاء، يربط الماضي العريق بالمستقبل الواعد.
لا يكتمل النجاح التنموي عند الانتهاء من تنفيذ المشاريع، بل يبدأ فصل جديد من العمل المؤسسي الذي تضطلع به الأمانة في متابعة وتشغيل وصيانة هذه المبادرات. وتأتي جهود الأمانة امتدادًا للعمل المرحلي الذي بدأ بالتخطيط، ثم التنفيذ، لتتولى الأمانة مسؤولية الربط بين المراحل وضمان الاستدامة.
يشمل ذلك مراقبة جودة الخدمات، وتفعيل الاستخدام الأمثل للمرافق، وتحسين التجربة العامة للسكان والزوار، بما يعكس أهداف التنمية المتكاملة. إن التنسيق المستمر بين مؤسسة تطوير جزيرة دارين وتاروت، والأمانة، وبقية الجهات ذات العلاقة، يُعد حجر الزاوية في نجاح المشروع على المدى البعيد، ويعزز من مفهوم الشراكة في تحقيق التنمية الشاملة.
وفي هذا السياق، يبرز الدور الفاعل لمعالي أمين المنطقة الشرقية، الذي يُولي اهتمامًا بالغًا بتنفيذ توجيهات صاحب السمو الملكي أمير المنطقة الشرقية، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، لضمان أن تكون هذه المشاريع رافدًا حقيقيًا لخدمة المواطنين والمقيمين على وجه الخصوص.
ويعمل معاليه على تعزيز التكامل بين القطاعات المختلفة، وتفعيل آليات المتابعة والتطوير المستمر، بما يضمن استمرارية الأثر الإيجابي لتلك المشاريع، وتحقيق أهدافها التنموية بما يتماشى مع تطلعات القيادة الرشيدة ورؤية المملكة 2030.
مع انطلاق المبادرات الأولى، هناك توجه واضح نحو توسيع نطاق العمل، من خلال زيادة فرص الاستثمار، وتحسين البنية التحتية، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني. وتهدف المؤسسة إلى خلق بيئة جاذبة للمستثمرين والسياح، وفي الوقت نفسه تضمن استفادة المجتمع المحلي من التنمية.
تسعى الجزيرة لتكون نموذجًا يحتذى به في التنمية السياحية والبيئية، وتجسيدًا حقيقيًا لمفهوم التنمية المستدامة التي لا تفرق بين الإنسان والطبيعة، بل تعزز التكامل بينهما.