أطباء الأسرة… حُرّاس الصحة الشاملة
يا أطباء الأسرة، يا حُرّاس الأبواب الأولى،
يا من تقفون عند العتبة بين الإنسان ووجعه،
بين السؤال وطمأنينته،
بين الخوف ورجاء الشفاء.
أنتم حجر الزاوية في بناء الطب،
اليد الأولى التي تمتد،
والعين التي تُبصر في الظلام،
والقلب الذي يقرأ ما وراء الشكوى،
قبل أن تنطق به الشفاه.
ليست مهمّتكم وصفة دواء وحسب،
بل رسالة تمتد من المهد إلى اللحد،
ترسمون بها مسيرة عمرٍ كامل،
وتكتبون على دفاتر الأيام تاريخ الصحة،
وتفتحون أبواب الأمل كلما ضاق المدى.
يا من تتسع صدوركم لكل الأعمار،
من بكاء وليدٍ في مهده،
إلى ارتعاشة يد شيخٍ يتكئ على عصاه،
ترافقون الإنسان في رحلته الطويلة،
تراقبون نموّه،
وتعدّون أنفاسه،
وتصونون صحته كما يصون الراعي قطيعه.
أطباء الأسرة…
أنتم الحكماء الذين ينسجون الخيوط بين التخصصات،
لا تنظرون إلى عضوٍ منعزل،
بل إلى إنسانٍ كامل،
تقرؤون حكاية جسده،
وتفكّون رموز أوجاعه،
كأنكم شعراء في عيادة،
وخطباء على منبر الرحمة.
أنتم مدرسة الوقاية،
تحملون في أيديكم مصابيح التطعيم،
تزرعون في العقول بذور الوعي،
تحذّرون من التدخين،
وتُرشدون نحو غذاءٍ متوازن،
وتذكّرون أن الرياضة صلاة الجسد،
وأن النوم دعاءٌ للدماغ بالراحة.
أنتم معلمو الصحة،
تعرفون أن المعرفة دواء،
فتبسطون للناس علمكم بعباراتٍ واضحة،
تغرسون في كل قلبٍ يقينًا أن الفهم شفاء،
وأن الوقاية خير من ألف علاج.
يا أطباء الأسرة،
أنتم نهرٌ يتدفّق في صحراء العجز،
وجسرٌ يُعبر به الناس إلى ضفة الأمان،
أنتم كالأشجار التي تظلّل الطرقات،
يعبر تحتها المارة،
ولا يشعرون أنهم في أمانٍ إلا بظلّها.
أنتم الذين تكتمون أسرار المرضى،
وتحملون أوجاعهم كحُرّاسٍ أوفياء،
تجلسون معهم كأصدقاء،
وتقفون معهم كحُماة،
وتفكّرون معهم كآباء وأمهات،
وأنتم في النهاية الأطباء الذين لا يخذلون.
في قلوبكم تتسع المدن،
وفي دفاتركم تُكتب القصص،
قصة طفلٍ تعافى من الربو،
قصة امرأةٍ تجاوزت قلقها،
قصة شيخٍ وجد الراحة في آخر العمر.
أطباء الأسرة…
يا حُرّاس الصحة الشاملة،
يا من تجعلون من غرفة صغيرة في مركزٍ صحي،
عالمًا يتسع للإنسان كله،
يا من تُعيدون تعريف الطب،
فتجعلونه رعايةً،
ورحمةً،
وإنسانيةً قبل أن يكون أدوية وتحاليل.
أنتم صوت المستقبل في رؤية الأوطان،
ركيزة ???? في سطورها الطموحة،
أنتم ضمانٌ أن المجتمع بخير،
وأن التنمية لا تقوم إلا على أجسادٍ معافاة.
أنتم الحكماء في زمن التخصصات المتشعبة،
أنتم الجسر الذي يربط المريض بالاستشاري،
أنتم الأمل الذي يطفئ نيران الطوارئ،
أنتم الروح التي تجعل النظام الصحي ينبض بالحياة.
فيا أطباء الأسرة،
سلامٌ على قلوبكم التي وسعت كل هذا الثقل،
سلامٌ على عيونكم التي رأت البعيد والقريب،
سلامٌ على علمكم الذي جمع الشتات،
سلامٌ على رحمتكم التي سبقت المشرط والدواء.
في كل طفلٍ يضحك،
وفي كل أمٍّ تطمئن،
وفي كل مسنٍّ يستعيد أنفاسه،
هناك بصمة لطبيب أسرة،
هناك ظلّ لا يزول،
وهناك شكرٌ لا ينقطع.
يا حُرّاس الصحة الشاملة،
أنتم أكثر من أطباء…
أنتم حكاية مجتمع،
أنتم شعرٌ يُكتب بمداد العافية،
أنتم قصيدة الحياة،
وأنتم معنى الشفاء.