آخر تحديث: 25 / 4 / 2025م - 10:38 م

حين تُزهر الرياضة من قلب القديح وتُثمر قيماً تتجاوزحدود الملاعب: بطولة العطاء لكرة القدم 2025

عماد آل عبيدان

في القديح، البلدة التي نمت على ضفاف المحبة، وتشكلت في رحم الوفاء، تنبعث من الملاعب صرخات الفرح، وتُسطر على العشب الأخضر حكايات تتجاوز حدود الرياضة. هنا، حيث الأرواح تتنفس العطاء، انطلقت النسخة التاسعة من بطولة العطاء لكرة القدم لعام 2025، لتؤكد أن الرياضة ليست مجرد سباق نحو شباك المرمى، بل مسار ممتد نحو القلوب، وميدانٌ يُزرع فيه الوعي، وتُثمر فيه القيم.

ليلة الثلاثاء، التاسع من شوال 1446 هـ، الموافق 7 أبريل 2025 م، لم تكن مجرد موعد رياضي عابر، بل لحظة استثنائية أعادت تعريف التقاء المجتمعات حول هدفٍ نبيل. في صالة الأقمار الخمسة، تجمّعت القلوب قبل الأجساد، ليشهد الحضور حفل افتتاح مهيب، مشبع بالرمزية والروح، بتنظيم رشيق وروح شبابية نابضة، ووجوهٍ تتقد بالحماسة والانتماء.

حفل تدشين… وحكاية بدأت بالعزم

الحفل لم يكن مناسبة بروتوكولية فحسب، بل لوحة إنسانية مكتملة الأركان. تولى تقديمها المتألق الأستاذ ميثم آل توفيق، الذي قاد فقراتها بعذوبة صوتٍ وإحساس مسؤولية. افتُتح الحفل بآيات من الذكر الحكيم، تبعها عرض مرئي مؤثر وثّق محطات البطولة منذ نشأتها، وجسّد كيف تحوّلت من فكرة شبابية إلى صرح مجتمعي نابض بالحياة.

كان الحضور استثنائيًا في معناه لا فقط عدده، إذ ضمّ رياضيين مخضرمين، وإعلاميين بارزين، وفاعلين في المجتمع المدني، جاؤوا جميعاً ليروا كيف أن ”العطاء“ لم تعد مجرد بطولة… بل ثقافة حيّة يتناقلها الناس.

الفرق المشاركة: تنافس بروحٍ من ذهب

على الميدان، تنبض الحيوية، ويُعلن عن بداية موسم جديد من المتعة والنقاء. انقسمت الفرق إلى مجموعتين متوازنتين، تعكس التنوع والثراء الرياضي في مجتمع القديح:

في المجموعة الأولى، تتنافس فرق الأطهار، الجواد، العهد، السجاد، والأنوار.

أما المجموعة الثانية، فتضم فرق النورس، النبراس، الضيافة، الثقلين، والولاية.

هذه الفرق لا تمثل فقط مهارات كروية، بل تجسيداً لقصص الأحياء، وانعكاساً لروح شبابية تنبض بالإصرار والولاء. ومن المنتظر أن تُفتتح المنافسات رسمياً يوم الجمعة، 11 أبريل 2025، على ملعب النخبة غرب القديح، وهو ليس مجرد ملعب، بل ذاكرة حيّة لأجيالٍ من الحالمين.

الدعم في البطولة: شراكة متكاملة

اللافت في هذه النسخة من البطولة، أن الدعم شعَّ كشراكة مجتمعية حقيقية. فقد كرّمت اللجنة المنظمة مجموعة من الرعاة الذين آمنوا بفكرة البطولة، وقرّروا أن يكونوا جزءاً من نسيجها والذين اكدوا دور القطاع الخاص في مسيرة التنمية الرياضية والاجتماعية.

هذا التكريم لم يكن فقط احتفاء بالأسماء، بل تأكيداً على العلاقة المتبادلة بين البطولة والمجتمع، حيث يتكئ العطاء على عطاء، وتزهر الإنجازات بروح الجماعة.

هوية إعلامية نابضة بروح الشباب

لم تكن هوية بطولة العطاء هذا العام تقليدية، بل جاءت بهوية بصرية متكاملة، نُفّذت باحترافية عالية. من البروشورات الدعائية، إلى بطاقات الدعوة، إلى التغطيات على المنصات الاجتماعية، كانت كل تفصيلة تنطق بذوق رفيع وإبداع شبابي.

الطاقم الإعلامي، المكوّن من شباب متمرسين، قدّم تجربة إعلامية بمستوى مشهود، جعلت البطولة وجهة للأنظار، ومثالاً في جودة التنظيم.

الرؤية المجتمعية: البطولة كمنصة أمل

لا تكتفي بطولة العطاء بأن تكون دورياً رياضياً للرجال فقط، بل تتسع آفاقها لتشمل فعاليات وأنشطة موجهة للأطفال والبرامج المصاحبة. فالمُنظِّمون يرون في كرة القدم وسيلة لتأصيل القيم، وتعزيز الوعي، وتمكين الأجيال.

البطولة تسعى لأن تتحول إلى مساحةٍ جامعة، تُعلي من شأن الرياضة المجتمعية، وتُفعّل الشراكات بين مختلف القطاعات في القديح، لتحمل عنواناً واحداً: التنمية بالحبّ والعطاء.

القديح: حين تراهن بلدة على شبابها

في كل نسخة، تؤكّد القديح أنها بلدة لا تنتظر من يصنع لها الإنجاز، بل تنهض به على أكتاف أبنائها. هذه البطولة لم تُبنى بأموال المؤسسات فقط، بل بأحلام الشباب، وتفاني الفرق التطوعية، وحنكة العقول الإدارية.

كل من شارك في البطولة، لاعباً كان أو داعماً أو متطوعاً، قد كتب سطراً في كتاب القديح، ووقّع بأقدامه ويديه على ميثاقٍ جمعيّ يقول: ”نحن هنا… نزرع الحياة بقلوبنا“.

ختام: كرة تُركل… ورسالة تُزرع

هكذا تتجاوز ”بطولة العطاء“ عام 2025 فكرة التنافس داخل المستطيل الأخضر، لتصبح ملعباً للروح، ومنصة للتنوير، وعرساً اجتماعياً يُحيي القيم. في كل تمريرة تتنفس القلوب، وفي كل صافرة يولد معنى، وفي كل هدف ترتفع راية الوعي.

هنا، في ملعب النخبة، لا تُسجّل الأهداف في شباك الخصوم فقط، بل تُسجّل في ضمائر من حضر وشارك وآمن.

وهكذا…

في القديح، كرة تُركل… ورسالة تُزرع… وعطاءٌ لا يُهزم.