آخر تحديث: 25 / 4 / 2025م - 10:38 م

التواصل بين الزوجين

حكيمة آل نصيف

الحياة الزوجية تقوم على عدة أسس وقواعد لتكون ناجحة، ويعيش أفرادها حياة آمنة ومطمئنة حتى وإن مرت ببعض المنعطفات التي تسبب توترا وقلقا فيها، إلا أنها تعود لمرفأ الأمان والاستقرار متى ما طُبّقت تلك الأسس، فيخلص الزوجان من المشاكل التي تعصف بهما من خلالها يتجاوزان الكثير من الأخطاء بالجلوس على مائدة التفاهم وتبادل وجهات النظر والانتهاء إلى مسارات وحلول ممكنة ومرضية للطرفين.

ومن أهم هذه الأسس هو التواصل الكلامي والحوار المستمر بين الزوجين، فيتبادلان فيه المشاعر الإنسانية القائمة على الحب والاحترام وتبادل الكلمات الحميمية بينهما، والإحساس بالطرف الآخر في ضيقه وفرحه هذا من ناحية العلاقة الخاصة بهما وما يكتنفها من آمال وطموحات أو محطات اختلاف ومشاكل.

وكذا التواصل العام بتبادل الأحاديث والموضوعات الأخرى والمشاركة في النقاش حول الأمور الاجتماعية والمهنية والتربويّة، ولا ننسَ الجانب الفكاهي والضحك وتبادل المزاح المحمود بينهما فكل ذلك يخلق علاقة قوية عميقة بينهما، من خلال التحدث اليومي في مختلف الأمور بما يعزز مشاعرهما وعلاقتهما ويضعها على دكة الاستقرار والتفاعل.

فالزوجان اللذان اعتادا على التواصل والتحدث المستمر في كل شؤون حياتهما وحياة أولادهما وما يحدث في المجتمع من مستجدات، ينعكس ذلك على علاقتهما فيعيشان حياة هادئة تحوطها المحبة والأمن والاحترام، بخلاف أولئك الأزواج الذين يفتقدون روح التواصل والحوار وإن استمرت الحياة بينهم وجمعهم بيت ومكان واحد، إلا أنّهم مع مرور الوقت تبدأ العلاقة في الميل إلى الفتور وتفقد الارتباط العاطفي الجميل.

والتواصل الزوجي له صور شتى تكسبهما الانسجام والثقة المتبادلة، ومنها التواصل الكلامي «الألفاظ» إذ يعبر فيه كل طرف عن مشاعره وأحاسيسه وأفكاره سواء على مستوى الأسرة أو المجتمع، فيتشاركان تجارب الحياة اليومية من خلال التحدث والاستماع لبعضهما فيتولد بينهما عنصر التفاهم ويزيد من تقاربهما.

وكذا لا ننسَ التواصل غير اللفظي «لغة الجسم» من خلال تبادل النظرات واللمس الحسي والإيماءات بينهما بما يقوي الجانب العاطفي بشكل كبير.

وعندما يطبق الزوجان أسس التواصل الحقيقي سواء اللفظي أو غير اللفظي تتنوع حينئذ المشاعر والانفعالات بينهما ويتيح لهما تبادل تلك المشاعر سواء الإنسانية كالفرح والحزن الخوف والأمن وغيرها.

وكلما تشارك الزوجان هذه المشاعر أصبحا أدقّ إدراكا وإحساسا بما يمر به الطرف الآخر منهما من ظروف وتحديات حياتية، فمهما واجه الزوجان من تحديات ومنغصات في حياتهما - ما دام بينهما رباط قوي من المشاعر الجميلة - سيتجاوزان تلك المتاعب والصعوبات الحياتية، ومع مرور الوقت واستمرار العلاقة بينهما السليمة يصبح لديهما تاريخ مشترك في مختلف جوانب الحياة من القصص والذكريات والمشاعر المختلفة، فيعيش كل طرف حياة مطمئنة؛ لأن لديه آذانا صاغية منصتة تسمع للآخر وتتبادل معه الأحاديث والأفكار، فيشعر بأنه لا يعيش وحيدا مع معارك الحياة التي يخوضها وهناك من سيعينه على الانتصار. على كل مخاوفه التي يمر بها.

وخلاصة قولنا أن التواصل السليم والمستمر بين الزوجين والقائم على روابط المحبة والاحترام والإحساس بمشاعر الآخر، يسهم في بناء جسر قوي يحيط تلك العلاقة الزوجية ويحميها من الانجراف نحو طريق مسدود أو شائك تكون نهايته إما الانفصال الحقيقي والبحث عن تواصل مع شخص آخر يتفهمه، أو حدوث انفصال عاطفي حتى وإن استمرت العلاقة بينهما ظاهريا، إلا أن كل زوج يعيش حياة منفصلة تماما عن الآخر، وما يربطهما هو فقط العقد الشرعي بينهما وربما الأبناء، وحتى الأبناء عندما يحدث الانفصال المبطن تحت هذه العلاقة المنعزلة ستكون حياتهم تعاني انقطاعا عاطفيا واجتماعيا وأسرياً.

لذا لا بد من تطبيق هذه الرسالة «التواصل العميق» من أجل بناء علاقة قوية صحية ومستمرة رغم وجود أي منغص من منغصات الحياة.