آخر تحديث: 25 / 4 / 2025م - 10:38 م

كيف تقتل الطقوس العاطفية الشغف؟ - حين يتحوّل الحب إلى عادة باهتة

عماد آل عبيدان

هل الحب الحقيقي يمكن أن يصبح مُملاً؟

لم نُخلق لنعيش حباً باهتاً.

لكن الواقع يُخبرنا بأن كثيراً من العلاقات، بعد اشتعال البدايات، تتحول إلى طقوس مكررة، مجرد إجراءات يومية تؤدى بلا روح، وعبارات حب تُقال كأنها التزام اجتماعي، لا نغمة فيها ولا شغف.

فهل الحب يذبل لأن الشعور يموت؟

أم لأن الطقوس اختطفت الروح من الحب؟

1. الطقوس العاطفية… الوجه الآخر للموت البطيء

في البداية، كانت الرسائل مشتعلة، والمفاجآت متجددة، واللقاءات تحمل كل معاني الانتظار.

لكن فجأة، تتحول ”صباح الخير“ إلى واجب، و”أحبك“ إلى تحصيل حاصل، والمواعيد إلى روتين.

نبدأ بتقليد أنفسنا.

نمارس العاطفة كأنها عادة يومية، نكررها حتى تفقد معناها، ونعتقد أن الحب لا زال موجوداً، بينما هو يُحتضر بهدوء.

2. أين الشغف؟

الشغف ليس له وقت محدد، لكنه يُولد من عنصرين:

• المفاجأة

• التجدد

حين تفقد العلاقة عنصر الدهشة، وتتكرّر الطقوس نفسها كل يوم، يتآكل الشغف دون أن نشعر.

• وردة تُهدى في نفس اليوم من كل عام

• رسالة ”أنا أحبك“ بنصّ محفوظ

• موعد في نفس المقهى، على نفس الطاولة

كل ذلك ليس حباً… بل نسخة مستنسخة من حبٍ مضى.

3. المعضلة النفسية: لماذا نتمسك بالطقوس؟

لأننا نخاف التغيير، ونطمئن إلى الاستقرار.

لكن في الحب، الاستقرار لا يعني التكرار، بل الانفجار المتجدد من الإعجاب والدهشة.

علم النفس يصف الحب في مراحله المتقدمة بـ ”الاستقرار العاطفي“، لكن هذا لا يعني أن الدهشة يجب أن تموت. بل يعني أن علينا أن نخلق دهشة من نوع جديد، ناضج، مدهش بطريقته.

4. العلاقات التي تُخنقها العادة: من يطفئ الضوء؟

غالباً ما يُقتل الشغف بسبب طرفين لا يشعران بالخطر.

• أحدهما يظن أن ما يفعله كافٍ

• والآخر لا يملك الشجاعة ليقول: ”أنا أختنق“

الطقوس تُعطي شعوراً زائفاً بالأمان. لكنها تُخفي خلفها تدهوراً داخلياً.

كم من حبيبٍ نام على وسادة اللامبالاة، لأن كل شيء أصبح متوقعاً؟

كم من زوجةٍ أحبت المفاجآت، فماتت دهشتها في صمت؟

كم من عاشقٍ خاف أن يقول: ”أريد شغفاً من جديد“؟

5. ثقافياً: كيف تنظر مجتمعاتنا للطقوس العاطفية؟

في ثقافتنا العربية، غالباً ما يُربط الحب بالواجب:

• الزوج يجب أن يقول ”أحبك“ لأنها ”ترضى بذلك“

• الزوجة يجب أن تطبخ له لأنه ”حقّه عليها“

• اللقاءات تصبح واجباً اجتماعياً، لا رغبة حقيقية

فنحن نُعلّم أولادنا أن يُحبوا كما يُقال لهم، لا كما يشعرون.

ولهذا، يكبرون ويُمارسون الحب كطقس… لا كشغف.

6. هل من مفر؟ كيف نعيد الحب من الرماد؟

• اكسر الطقوس: بدلاً من مفاجأة في مناسبة، افعلها في وقت عادي

• غيّر اللغة: لا تقل ”أحبك“ كما تقول ”السلام عليكم“

• أنصت: استمع لاحتياجات الطرف الآخر، وليس فقط لما تعتقد أنه يريد

• اكتب بلا مناسبة، غنِّ بلا توقيت، قبّل بلا سبب

• كن مجنوناً قليلاً، فالجنون أحيانًا هو سر الحب الحقيقي

7. خاتمة: الطقوس قد تحافظ على الشكل… لكنها تقتل الروح

نحن لا نريد حباً يُؤدى مثل صلاة مكررة بلا خشوع.

نريد حباً يُشبه المطر الأول، والرعشة الأولى، والقصيدة التي لا تُنسى.

الحب ليس تكراراً، بل ولادة متجددة كل يوم.

فاحذر أن تجعل من حبك طقساً،

لأن الطقوس تُقدَّس… لكنها لا تُشعر.