سوء الخلق والأخلاق مع الآخرين
من أكبر نعم الله على العبد.. محبة الناس له.. ذاك رزق لا يشترى بأموال الدنيا كلها..
﴿لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ . [الأنفال 63]...
صباح الخير.
رسالة صباحية جميلة وصلتني، تحتاج إلى تأمل وكلمات لها معنى عميق، جاءتني فكرة بكتابة مقال بعنوان:
سوء الخلق والأخلاق مع الآخرين وتذكرت أشخاصا مروا علي في حياتي وعرفتهم طوال هذه السنوات، والسنوات تمضي من عمرهم وللآن للأسف الشديد يحملون صفة سوء الخلق والأخلاق مع الآخرين. لا أعلم متى يستيقظون من غفلتهم ويحسِّنوا وضعهم وأخلاقهم مع من حولهم.
الأخلاق هي عنوان الإنسان، وسلوكه مع الآخرين يعكس ما في داخله من قيم ومبادئ. وعندما يسود سوء الخلق في التعامل، تظهر الشروخ في العلاقات الاجتماعية، ويتزعزع التماسك بين الأفراد. فالأخلاق الحسنة لا تزين الشخص فقط، بل تبني مجتمعاً سليماً متعاوناً، أما سوء الخلق فهو سبب رئيس في نفور الناس وتمزق الروابط.
قال الشاعر أحمد شوقي:
وإنَّما الأُمَمُ الأَخلاقُ ما بَقِيَتْ
فإنْ هُمُ ذَهَبَتْ أخلاقُهُمْ ذَهَبُوا
سوء الخلق هو تصرُّف الإنسان بطريقة تؤذي الآخرين في أقواله أو أفعاله، ويشمل:
- الكذب والخداع
- الغيبة والنميمة
- السب والشتم
- سوء الظن
- الأنانية والتكبر
- قلة الاحترام
وكل هذه الصفات تترك أثراً سيئاً في القلوب، وتُضعف ثقة الناس ببعضهم البعض.
قال الشاعر المتنبي:
مَنْ عَاشَ صِفْرًا مِنَ الأَخْلَاقِ والأَدَبِ
يَحيَا فَقِيرًا وَلَو يَمْشِي على الذَّهَبِ
مَا قِيْمَةُ المرْءِ إلَّا طِيبُ جَوْهَرِهِ
لا مَا حَوَاهُ مِنَ الأَمْوَالِ والحَسَبِ
1. تفكك العلاقات:
الأشخاص السيؤا الخلق يفقدون ثقة الآخرين، مما يؤدي إلى العزلة والبعد عنهم.
2. العداوة والكراهية:
الكلمة الجارحة والتصرف السيء يزرعان الحقد، ويفسدان الحب والمودة.
فقد ورد عن الإمام الباقر : «قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال لكم، فإن الله يبغض اللعان السباب الطعان على المؤمنين، الفاحش المتفحش، السائل الملحف». [البحار ج 79 ص 110]
3. إضعاف القيم:
عندما تنتشر الأخلاق السيئة، يبدأ الناس يفقدون احترامهم للمبادئ، فيقل الصدق والأمانة والتعاون.
4. تشويه صورة الإنسان:
مهما بلغت مكانة الشخص أو علمه، وكثرت شهاداته العلمية وثقافته فإن سوء خلقه يُفقده الاحترام والتقدير.
وتصديقا لما ذكر بعاليه يقول الحكيم المشهور الأحنف بن قيس:
«لا صديق لملول، ولا راحة لحسود، ولا مروءة لبخيل، ولا سؤدد لسيء الخلق».
الأخلاق الحسنة تشمل:
- الصدق واللطف
- التواضع وحسن الظن
- الاحترام والإحسان
- التحمُّل والصبر
- العدل والإنصاف
وهذه الأخلاق الحسنة هي سلوك يومي، تُمارس في البيت، وفي العمل، وفي الشارع، ومع الغريب قبل القريب.
1. الاقتداء بسيرة النبي ﷺ، فلقد كان خُلُقُه القرآن.
قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ . [القلم: 4].
2. مراجعة النفس باستمرار، والاعتذار عند الخطأ.
3. الرفق في الكلام والتعامل، فالرفق لا يكون في شيء إلا زانه. وله أهمية كبيرة في حياتنا: فالرِّفْقُ طريقُ موصِلٌ إلى الجنَّةِ، ودليلُ كمالِ الإيمانِ وحُسنِ الإسلامِ، وهو يُثمِرُ محبَّةَ اللهِ ومحبَّةَ النَّاسِ، وينَمِّي روحَ المحبَّةِ والتَّعاونِ بَيْنَ النَّاسِ.
4. ضبط الغضب والانفعال.
5. الصحبة الصالحة، فالإنسان يتأثر بمن حوله.
وصاحب الخلق السيء يعيش حالة من المرض النفسي والنرجسية، ولا يقبل نصح من أحد ودائما هو الصح وغيره على خطأ. سوء الخلق يبعد القلوب، ويشوِّه صورة الإنسان، بينما الأخلاق الحسنة ترفع مكانته وتزرع المحبة في كل من يلقاه. فكن حسن الخلق، ليس فقط إرضاءً للناس، بل تقرباً لله، وسعياً لقلوب صافية وعلاقات متينة.
فالكلمة الطيبة، والخلق والأخلاق الحسنة مع الآخرين صدقة جارية لك تنفعك يوم القيامة.