حين يتحوّل شهر العسل إلى موسم أمطار غزيرة: كيف نمنع الحب من الغرق بعد العرس؟
”1“
في البدء، دعونا لا نُخادع أنفسنا. مشهد الورود على السرير، وقلوب الشوكولاتة، والتصوير تحت شلالات نياغرا أو في جبال الألب - جميل، لكنه ليس الحقيقة، بل تتر البداية لفيلم لا أحد يخبرك كيف تكون نهايته. نحن في زمنٍ صار فيه ”شهر العسل“ مشروع تصوير، أكثر منه مشروع تفاهم!
تبدأ الحكاية دائماً بـ: ”وعاشوا في تبات ونبات“
لكن، هل حقاً يعيشون؟ أم أنهم، بعد أسبوع من العرس، يدخلون في دوامة: ”من المسؤول عن تنظيف الأطباق؟!“ … وتتطور، لتصبح حرباً عالمية ثالثة على خلفية منشفة مبللة تُركت على السرير!
كأننا نصبغ الحب بلون وردي لا يحتمل الغبار، ولا المطبخ، ولا العرق، ولا صوت المنبّه. نعيش فقاعة ”السينما“، حيث الزوج دائم الابتسام، والزوجة تستيقظ برائحة اللافندر، لا بصوت الخلاط وهي تجهز الفطور!
ولكن، ما إن تنقضي أولى الليالي الحالمة، حتى يبدأ اختبار ”الواقعية“. هنا يتقرر: هل هذا حبٌ حقيقي أم إعلان نوايا مُزيّفة؟ هل نحن أمام زواج ناضج أم ”خطوبة تحت المجهر“ لم يُكشف فيها شيء إلا الفلاتر؟
الحب لا يموت ضربةً واحدة، بل يتسرب شيئاً فشيئاً مع المبالغة في التوقعات، الصمت عن الخلافات، و”التزييف“ المستمر. ومن أكثر المصائد شيوعاً: التوقع أن يظل الشريك نسخة مطابقة لما كان عليه أثناء الخطوبة أو شهر العسل!
الحب الحقيقي؟ هو الذي يعرفك حين تنسى كلمة المرور، وتغضب، وتبكي، وتفشل… ثم يربت على كتفك. أما الحب السينمائي؟ فهو الذي ينهار لأن القهوة لم تكن ساخنة كفاية!
مع أول خيبة، يتحوّل شهر العسل إلى موسمٍ للمراجعة. ”لماذا قلت ذلك؟ لماذا لم تُهاتفني؟ لماذا تأخرت؟ لماذا لم تبتسم كما كنت تفعل؟“
كل هذه ”اللماذاوات“ تُغرق السفينة إن لم يُدِرها العقل بالمجاديف، لا بالقلب وحده.
المفارقة؟ أن معظم الأزواج يضعون كل التركيز على تفاصيل ما قبل الزواج: الفستان، الصالة، الضيافة، الأغاني، التصوير… ثم ينسون أن ما بعد الزواج هو الملعب الحقيقي.
كم من زيجة بدأت بـ ”شيراتون“ وانتهت بـ ”محكمة“؟
وكم من حبٍّ بسيط بلا بهرجة نجا من كل الأعاصير لأنه بُني على تفاهم وصدق؟
من أكبر أسباب الطلاق اليوم هو ذلك الفرق بين ما صُوّر في الخطوبة وما وُجد في الواقع. هوة بين الوعود وبين تحمل ظروف بعضنا. حين نشتري الكاميرات أكثر من الأواني، وحين يكون المهر أغلى من قلب الإنسان… فاعلم أن الخلل لا يكمن في الزواج بل في توقعاتنا.
الزواج الحقيقي؟ هو أن تعرف متى تصمت، متى تعتذر، متى تضحك على الموقف بدل أن تعالجه بحروب نفسية.
هو أن تستيقظ ذات صباح وتقول: ”نحن لسنا مثاليين، لكننا نحاول“، وهذا أعظم ما يُمكن أن يُقال.
إذا أردت أن لا يتحوّل شهر العسل إلى موسم أمطار غزيرة…
فلا تنس أن تحمل معك مظلة الحوار، ومعطف التفاهم، وحذاء الاحترام، وكوب شوكولاتة ساخن للمصالحة.
واجعل في الحقيبة مساحة لضحكة… حتى في عز المطر.