آخر تحديث: 25 / 4 / 2025م - 10:38 م

عظم الله أجوركم آل البناي

حسين الدخيل *

فُجعت بلدة القديح، إحدى قرى محافظة القطيف، يوم الأحد الموافق 20 أبريل 2025 م، بنبأ أليم ومفجع تمثّل في وفاة الشيخ الجليل محمد عيسى البناي، المعروف بـ ”أبي جعفر“.

نبذة عن الشيخ


وُلد الشيخ محمد عيسى البناي في بلدة القديح بمحافظة القطيف، ونشأ في أسرة عُرفت بالتقوى والالتزام الديني. كرّس حياته في خدمة الدين والمجتمع، وتميّز بحديثه المؤثر الذي يجمع بين الفصاحة والروحانية، وبأسلوبه الهادئ الذي جعله محبوبًا بين أبناء منطقته.

لقد فقدت القديح شخصًا وشيخًا وعالمًا جليلًا عزيزًا على قلوب الجميع، لا سيّما أولئك الذين كانوا قريبين منه. كان طيب الأخلاق، هادئ الطباع، صاحب محيا وابتسامة وادعة، يعمل بصمت، وأخلص لله سبحانه وتعالى في طلب العلم والمعرفة.

كان عالمًا، زاهدًا، ورعًا، متواضعًا، خلوقًا، فاضلًا، نجيبًا، نقيًّا. ومن كان يحمل هذه الصفات الكريمة والخصال الحميدة، فهنيئًا له، ولا خوف عليه، وله عند الله سبحانه وتعالى المنزلة الرفيعة والمقام العالي في جنات النعيم.

وقد قال الإمام الصادق : ”إذا مات العالم، ثُلم في الإسلام ثُلمة لا يسدّها شيء إلى يوم القيامة.“

«الكافي، ج 1»

من مؤلفاته

• إيضاح الدلائل في شرح الوسائل

تقريرًا لبحث سماحة آية الله الشيخ مسلم الداوري «دام ظلّه»، بقلم السيد عباس الحسيني والشيخ محمد عيسى البناي.

• شرح لكتاب وسائل الشيعة للشيخ الحر العاملي «أعلى الله مقامه»، ويتميّز بما يلي:

1. يتضمّن بحثًا في دلالة الحديث «فقه الحديث».

2. يتناول دراسة جميع أفراد السند «سند الحديث».

3. يحتوي على قواعد مهمّة في تعريف العدّة، وتمييز المشتركات، واصطلاحات صاحب الوسائل.

4. يتناول طرق النقل عن الشيخ الصدوق، والشيخ الطوسي، وغيرهما.

5. يقدّم قواعد لتصحيح الروايات.

6. يشرح كل باب ويعرض أقوال الخاصة والعامة فيه، مع بيان أقوال العلماء تفصيلًا.

7. يضم جدولًا في آخر الكتاب لترجمة الرواة.

بعض من تحقيقاته وجهوده العلمية

1. الفوائد السنية في شرح الاثني عشرية

2. تنقيح المقال في كيفية الاستدلال «للفقيه حسن البلاغي، قدّس سرّه»

3. رسالة في قاعدة الغرور «للسيد عبدالله البهباني، قدّس سرّه»

4. رؤية الهلال في فقه أهل البيت

5. ما يصح السجود عليه في فقه أهل البيت

كما نشر عددًا من المقالات في مجلة ”الخزانة“، منها مقال عن ”جامع المقال“. وله مجموعة من المخطوطات، منها:

• كتاب في القواعد الرجالية

• شرح على أصول المظفر كتبه منذ أكثر من عقدين، وقد فُقد أو تلف لاحقًا

• دفاتر في شرح بعض المتون الحوزوية كتبها أثناء تدريسه لها

• كتاب عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب

• ردّ على شبهات الكتاب المسمّى ”أسئلة قادت شباب الشيعة إلى الحق“، أعدّه بمشاركة بعض زملائه، وقد لا يكون مكتملًا.

إن رحيل الشيخ محمد عيسى البناي ترك فراغًا كبيرًا في قلوب محبيه وأبناء مجتمعه، الذين عرفوه أبًا روحيًا ومرشدًا حكيمًا. ستظل ذكراه خالدة في نفوس من تتلمذوا على يديه واستفادوا من علمه وتوجيهاته.

عاش الشيخ حياته بصمت ووقار، ورحل عن هذه الدنيا في هدوء، برحيل مفاجئ شكّل صدمة للجميع، بعد خضوعه لعملية قلب مفتوح، حيث أظهرت الفحوصات وجود ثلاثة شرايين مسدودة، فأُجريت له العملية، ثم نُقل إلى العناية المركزة، حتى شاءت إرادة الله أن ينتقل إلى جواره.

وقد شهدت بلدة القديح تشييعًا مهيبًا انطلق من مغتسل البلدة إلى مقبرة الحليلة، شارك فيه جمع غفير من أهالي القديح وقرى محافظة القطيف من مختلف الفئات: مشايخ، وطلبة علم، وعامة الناس، في مشهد يعبّر عن حب الناس ومكانة الشيخ الجليل ”أبي جعفر“.

وفي يوم رحيله، ضجّت مجموعات الواتساب ومنصات التواصل الاجتماعي بنعي الشيخ الجليل، وسط حزن عارم وحرقة قلب. وما لنا إلّا التسليم بقضاء الله وقدره، فكلنا راحلون عن هذه الدنيا، ولا يبقى إلّا الأثر الطيب والذكر الحسن.

نسأل الله العلي القدير أن يتغمّد الفقيد بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.

”إنا لله وإنا إليه راجعون“

وعظّم الله أجوركم آل البناي وأرحامكم.