صدقة السر وصدى مفاعيلها...
هناك فئات من البشر قلّ أن تراهم في زمننا الحاضر، فهم من النوادر الذين لا يحبون أن تُسلَّط عليهم الأضواء أو تتناقل الناس سيرتهم وعطاءهم، لأن ما يقدِّمونه ويفعلونه من إحسان أو صدقة أو معونة يقصدون به وجه الله سبحانه وتعالى لنيل الأجر والثواب. لا يريدون أن تكون لهم منّة على أحد، تجنبًا للتفاخر أو التباهي على أولئك المحتاجين والفقراء والمساكين، الذين يتصف بعضُهم بالتعفف والكفاف على الرغم مما يواجهونه من شظف العيش وقلة الموارد المالية.
جميل أن يندمج أهل صدقة السر والعطاء السخي مع أولئك النفر الذين تأبى أنفسهم مدَّ أيديهم إلى كل من هبّ ودبّ، في قالب مثالي هو الأروع والأمثل، الذي يعطي صورة حيّة للتماثل الإنساني المتبادل بين الأيادي البيضاء السخية والنفوس المحتاجة المنضبطة في سلوكها ووجدانها الإنساني… أَلا يدعو هذا مِنّا كمتابعين لهذه التفاعلات الإيجابية إلى التسابق في دعم تلك الأيادي الكريمة وتشجيعها ومساندة تلك النفوس التي أبَت أن تكون عنوانًا تتناقله الألسن في المجالس بين قيل وقال؟ أو أن نكون عاملاً مساعدًا في بثّ روح مدّ يد العون والمساهمة والمشاركة، كلٌّ حسب استطاعته، إلى أولئك الثُلّة من نوعية هذا البشر المتألّق في نظرته وأطروحاته الإنسانية الخيّرة، آخذين كل ذلك ومتمثلين بقول الله سبحانه وتعالى عندما قال جل جلاله في فصيح خطابه وعظيم كتابه:
﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [البقرة: آية 271].
وكذلك كما قال الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين: «أكثروا من صدقة السر، فإنها تطفئ غضب الرب جل جلاله.»
فإذاً… فالصدقة، سواء كانت سرًّا - وهو الأفضل - أو كانت علنًا، تُعتبر الوسيلة المتينة لإرضاء الله سبحانه، والاستثمار الحقيقي دنيويًا وأخرويًا