آخر تحديث: 25 / 4 / 2025م - 10:38 م

78.8 عاما ماذا يعني للسعوديين

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

أعلنت الصحف المحلية قبل أيام عن ارتفاع متوسط عمر الإنسان في المملكة إلى 78.8 عامًا، وفق تقارير صحية رسمية. الرقم في ظاهره مبشر، ويعكس تطور الرعاية الصحية وتحسن جودة الحياة، لكنه في جوهره يدفعنا لسؤال أكبر: هل نحن مستعدون للتعامل مع الإنسان الذي يعيش أطول؟

حين ننظر لتجارب الدول المتقدمة مثل اليابان «متوسط العمر 84 عامًا»، نجد أن ارتفاع العمر لا يُفهم فقط كتحسن صحي، بل كتحول اجتماعي وثقافي واقتصادي. فهناك، لا يُختصر دور الإنسان عند سن التقاعد، بل يُعاد دمجه في الحياة العملية والفكرية والاقتصادية من خلال فرص جديدة وراقية. السؤال المطروح: هل التقاعد في مجتمعنا لا يزال يُرى على أنه نهاية الخدمة؟ أم آن الأوان أن نعيد تعريفه بوصفه مرحلة ثانية من العطاء؟

اليوم، حين يرتفع متوسط العمر إلى هذا الحد، فنحن أمام معادلة جديدة: عمر أطول = مسؤولية أكبر.

وهذا يقودنا إلى ملف بالغ الأهمية: المتقاعدون الرياديون.

أولئك الذين لا يريدون أن يطووا حياتهم عند سن الستين، بل يملكون الرغبة والخبرة والقدرة على بدء مرحلة جديدة، لكنهم يفتقدون الفرصة.

ما المانع من وجود برامج تمويل مخصصة للرياديين المتقاعدين؟

قروض بلا فوائد، برامج احتضان مرنة، مسارات خاصة تتيح لهم إنشاء مشروعات صغيرة دون قيود البنوك أو منافسة الشباب.

لماذا لا نتعامل مع خبراتهم كرأسمال وطني؟ بدل أن تُهدر بعد التقاعد بعمر 60 أو 65؟

إننا نُحسن صنعًا حين نطيل عمر الإنسان... لكننا سنُحسن أكثر حين نُطيل أثره في الحياة.

فهل من مبادرة واضحة تستثمر هذا الامتداد في العمر؟

وهل من جهة تُبادر بفتح هذا الملف بجدية ومسؤولية؟

ختامًا، إن التحدي القادم ليس في أن نعيش أطول، بل في أن نُبقي الإنسان جزءًا من الإنتاج والمعنى، مهما طال به العمر. والسعودي اليوم، حين يبلغ 78.8 عامًا، لا يسأل: كم بقي؟ بل: ماذا يمكن أن أُقدّم بعد؟