لماذا تشترط ”الغذاء والدواء“ مسؤولاً مؤهلاً في كل منشأة غذائية؟

طرحت الهيئة العامة للغذاء والدواء مشروع دليل متطلبات تعيين ”مسؤول المنشأة الغذائية“، عبر منصة استطلاع بهدف تعزيز الحوكمة المهنية في قطاع الأغذية داخل المملكة، والحد من المخاطر المرتبطة بسلسلة الإنتاج والتوريد الغذائي.
ويغطي الدليل، الذي طرحته الهيئة للتنظيم والامتثال، المتطلبات التفصيلية لتعيين مسؤول المنشأة سواء في المصانع أو المستودعات، إلى جانب توضيح مهامه ومسؤولياته واشتراطات تأهيله.
وبحسب ما ورد في الدليل، فإن تعيين مسؤول مختص في كل منشأة غذائية أصبح من المتطلبات الأساسية للحصول على الترخيص أو تجديده، وتُعد هذه الخطوة جزءًا من توجه الهيئة لرفع كفاءة الأداء المؤسسي وتحقيق سلامة وجودة الغذاء من خلال العنصر البشري المؤهل علميًا وعمليًا، كما أن وجود مسؤول واضح الصلاحيات والمعرفة ضمن الهيكل الإداري للمنشأة يساهم في دعم ثقافة الامتثال داخل القطاع.
فيما يخص المصانع، اشترطت الهيئة أن يكون مسؤول المنشأة سعودي الجنسية، ويحمل مؤهلًا علميًا لا يقل عن درجة البكالوريوس في تخصصات ذات صلة، مثل علوم الأغذية، التغذية، التصنيع الغذائي، الأحياء الدقيقة، الكيمياء، أو أي تخصص آخر معتمد من الهيئة. وتُفضل الهيئة تعيين من يمتلك خبرة عملية في مجالات مرتبطة بصناعة الغذاء، مثل مراقبة الجودة، وإدارة سلسلة التوريد الغذائي، والتفتيش الغذائي.
ومن الشروط الدقيقة التي أوردها الدليل، حصول المسؤول على تدريب متخصص في نظامي إدارة الجودة وسلامة الغذاء ISO 22000 وHACCP من جهة معتمدة داخل المملكة، مع الإلمام بالأنظمة واللوائح الصادرة عن الهيئة.
ويجب أن يمتلك المسؤول فهمًا شاملًا لأنظمة الغذاء، ومعرفة تقنية بعمليات التصنيع والتخزين، فضلًا عن مهارات قيادية عالية تعينه على اتخاذ قرارات مؤثرة في اللحظات الحرجة.
أما فيما يخص المستودعات، فقد خفضت الهيئة من شرط المؤهل العلمي ليكون الحد الأدنى دبلومًا في تخصصات مثل التغذية، علوم الأغذية، السلامة المهنية، الكيمياء، أو الأحياء.
ويشترط حصول المسؤول على تدريب في إدارة السلامة الغذائية من جهة معتمدة، مع توافر المهارات القيادية، والمعرفة بسلاسل الإمداد، والفهم الشامل للأنظمة الغذائية.
ورغم هذا التخفيف في المؤهل العلمي، شددت الهيئة على أهمية الخبرة العملية في مجالات السلامة والجودة، ومتابعة المستجدات في الأنظمة، وتحديث المعلومات المتعلقة بالمسؤول بشكل دوري ضمن حساب المنشأة لدى الهيئة.
من المتطلبات الإجرائية المهمة التي ركز عليها الدليل، ضرورة قيد معلومات مسؤول المنشأة ضمن نموذج الترخيص المقدم للهيئة، سواء عند إصدار الترخيص الجديد أو في حال كان الترخيص قائمًا، مع وجوب تحديث تلك البيانات عند أي تغيير جوهري في الشخص المسؤول أو صلاحياته.
حدّد الدليل مهامًا دقيقة يتوجب على مسؤول المنشأة تنفيذها، تتجاوز الجوانب الإدارية لتصل إلى القلب الفني لعمليات الإنتاج والتخزين والتوزيع. وتشمل المهام: التأكد من التزام التشغيلات بالأنظمة المعتمدة، مراجعة خطوات التصنيع والتخزين، التحقق من المطابقة بين مواصفات المنتج والمواصفات المعتمدة، وضمان سلامة البطاقة الغذائية والتغليف.
وأوكلت الهيئة للمسؤول مهامًا محورية مثل الإشراف على نظم تتبع واسترجاع وسحب المنتجات، وتدريب متداولي الغذاء، وتطبيق ممارسات التشغيل الجيد، ومنع عمل أي فرد يُشتبه في إصابته بعدوى تؤثر على سلامة الغذاء.
من أبرز ما ورد في الدليل، الإلزام بالإبلاغ الفوري عن أي غذاء يُحتمل أن يشكل ضررًا على صحة المستهلك، وبيان الإجراءات المتخذة لمنعه من الوصول إلى السوق.
وألزم الدليل المسؤول بالإشراف على كامل سلسلة الغذاء بدءًا من الاستلام وحتى التخزين والعرض في السوق، وضمان توافقها مع الاشتراطات البيئية والصحية.
وضمن متطلبات التوثيق، ألزم الدليل مسؤول المنشأة بإنشاء سجل خاص للتشغيلات المفرج عنها، والاحتفاظ بنسخ مطابقة لأصل المستندات لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات من تاريخ انتهاء صلاحية المنتج، مع ضرورة تقديمها عند الطلب للجهات الرقابية.
ويأتي هذا التنظيم في إطار سعي الهيئة إلى تأطير الدور التنفيذي للمختصين في المنشآت الغذائية، وتحويل مسؤول المنشأة إلى نقطة محورية تضمن تطبيق الأنظمة والمواصفات الوطنية والعالمية، ما يعزز ثقة المستهلك ويحد من المخاطر المتعلقة بسلامة الغذاء.
ويمثل هذا التوجه نقلة نوعية في تنظيم المهن المرتبطة بالأمن الغذائي في المملكة، ويُتوقع أن يسهم في رفع كفاءة الأداء في المنشآت الغذائية، ويعزز فرص السعوديين المتخصصين في الغذاء والتغذية والأحياء والكيمياء للعمل ضمن بيئة منظمة ومعايير واضحة، تواكب توجهات المملكة نحو مجتمع صحي واقتصاد غذائي مستدام.