القراءة في المجال العلمي
من أبرز إيجابيات القراءة في المجال العلمي الحصول على مصادر للاستلهام الشخصي من الشخصيات العلمية التي تركت بصمات واضحة في العالم باكتشافاتهم ومخترعاتهم. كما يمكن لهذه القراءات أن تحفز التفكير الإبداعي الخلاق لدى صغار السن، وقد تدفعهم مع الوقت إلى هذا التوجه، كما حدث مع عدد من العلماء، ومنهم ألبرت آينشتاين، الذي كان يدأب في صغره على قراءة كتب العلوم.
وحينما نقرأ عن العالم الشهير أديسون، وكيف أنه بدأ من الصفر وظل مثابرًا على عمله رغم العوائق والمشكلات، فإن ذلك يعطينا الأمل في أننا نستطيع أن نكون مثله وربما أفضل. فهو الذي كرر محاولاته لإضاءة أول مصباح كهربائي مئات المرات قبل أن ينجح متسلحًا بالأمل في أن يصل إلى ما يرومه.
وينبغي ألا يتوقف الأمر عند قراءة تجارب العلماء والمخترعين، بل يجب أن يتعداه إلى قراءة الكتب العلمية من أجل التعرف على كيفية تصميم وعمل الأجهزة الحديثة، وهو ما تساعدنا الأدوات الحديثة، مثل مواقع الإنترنت والأفلام التصويرية، على فهمه. وقد تدفع هذه النوعية من القراءات الشباب إلى التوجه نحو الدراسة في المجالات التي تُخرِّج علماء ومبدعين في المجالات العلمية التي تخدم البشرية. وقد سمعنا ما قاله الملياردير الأمريكي إيلون ماسك عن الأثر الذي تركته فيه قراءته لكتاب «دليل المسافر عبر المجرة» لدوغلاس آدامز، حيث دفعه للتفكير في الأمر لسنوات قبل أن يكبر ويؤسس شركة لتصنيع وإطلاق صواريخ مبتكرة للفضاء، ثم طرح فكرة استعمار الفضاء.
وتساهم القراءات العلمية كذلك في فهم كيف فكر الباحثون حتى وصلوا إلى استنتاجاتهم، وهو ما يرسم مع الوقت خارطة طريق واضحة المعالم للقارئ في هذا الجانب تساهم في تحويل الأفكار النظرية إلى خبرات عملية إذا ما واكبتها بيئة علمية متكاملة وتشجيع مجتمعي كاف.
وهنا يأتي دور البيت والمؤسسات التعليمية في إذكاء التوجه العلمي لدى الناشئة، كما أن إيجاد مناخ علمي، وإعلاء قيمة من يتوجه إلى هذا الجانب، سوف يزيد من أعدادهم ونوعياتهم. ولا تُظهر إحصاءات مبيعات الكتب في العالم العربي في السنوات الأخيرة توجهًا كبيرًا لهذه النوعية من الكتب؛ ففي المملكة مثلًا أظهر مسح أجرته الهيئة العامة للإحصاء في عام 2019 أن الكتب الدينية جاءت في المرتبة الأولى، تلتها الكتب الأكاديمية، ثم كتب الشعر والأدب، فكتب التاريخ والسياسة.
ورغم أهمية هذه الجوانب القرائية فإن للجانب العلمي أهمية كبيرة في عالم اليوم الذي تتسارع فيه العلوم بمتواليات هندسية بحيث لا يصعب علينا مواكبتها فقط بل تصعب حتى متابعة أخبارها وتطوراتها. ففي سباق الأمم الذي لا يكاد يتوقف نجد أنفسنا في ترتيب متأخر، وحتى نستطيع مواكبة هذا السباق المحموم في التقدم العلمي فإننا بحاجة إلى أن نبذل في جوانب العلوم، قراءة وتحصيلًا وأبحاثًا، أكثر من الدول المتقدمة بمراحل حتى نستطيع أولًا أن نحافظ على موقعنا في هذا السباق ثم التقدم أكثر فيه.