آخر تحديث: 25 / 4 / 2025م - 10:38 م

تسهيلات جوية سعودية.. لائحة جديدة قيد الاستطلاع

جهات الإخبارية

طرحت الهيئة العامة للطيران المدني في المملكة لائحة ”تسهيلات النقل الجوي“ عبر منصة ”استطلاع“، والتي تمثل نقلة تنظيمية كبرى تستهدف تعزيز كفاءة العمليات في المنافذ الجوية السعودية، وتحقيق انسيابية مثلى لحركة الركاب والبضائع والطائرات والطواقم الجوية، مع ضمان أعلى مستويات الأمن وجودة الخدمة.

اللائحة الجديدة تأتي في سياق توجه المملكة نحو تطوير البنية التحتية للنقل الجوي ورفع تنافسيته عالميًا، حيث تُعيد اللائحة صياغة منظومة السفر من الألف إلى الياء، بما يشمل الجوازات، التأشيرات، أمان الوثائق، إجراءات المغادرة والدخول، ومعالجة الأزمات، إضافةً إلى جوانب خاصة بالقُصّر والمسافرين المتأثرين بالكوارث.

وثائق السفر وأمن البيانات: نقلة في الحماية والتكامل

من أبرز محاور اللائحة، التأكيد على تحديث مواصفات الأمان لوثائق السفر بشكل دوري، واعتماد الجوازات المقروءة آليًا وفقًا لوثيقة ”ICAO 9303“، مع رفع بيانات التحقق إلى دليل المفاتيح العامة ”PKD“، والتعاون مع الإنتربول في حال فقدان أو سرقة الوثائق.

ويُمنع بموجب اللائحة تمديد صلاحية الجوازات المقروءة آليًا، ما يعكس حرصًا على الحد من التلاعب أو التحايل. كما يُلزم كل مسافر بجواز سفر مستقل، بصرف النظر عن العمر، وتُوصي اللائحة بألا تقل صلاحية الجواز عن 5 سنوات.

تسهيلات غير مسبوقة في التأشيرات والمغادرة

أحد أبرز التحولات تمثّل في توصية بإلغاء شرط تأشيرة الدخول لمواطني أكبر عدد ممكن من الدول، مع تسهيل إجراءات الحصول على التأشيرات إلكترونيًا، وضمان صلاحية تأشيرات الزائرين لمدة لا تقل عن 6 أشهر، بصرف النظر عن عدد مرات الدخول.

وحرصًا على تسريع عمليات المغادرة، نصّت اللائحة على ألا تتجاوز مدة إنهاء إجراءات المغادرة 60 دقيقة، بينما حُددت 45 دقيقة كحد أقصى لإجراءات دخول الركاب، في حال توفر تنسيق كافٍ بين المشغلين والمنافذ.

مسارات القُصّر: حماية ومرونة

تُعطي اللائحة اهتمامًا خاصًا بسفر القُصّر، حيث لا يُطلب من الطفل المسافر مع أحد والديه أو وصي قانوني تقديم موافقة خاصة. أما في حال السفر غير المصحوب، فيُشترط تقديم موافقة خطية مصدقة لضمان مشروعية الرحلة ومنع حالات الاتجار بالأطفال.

وتلزم الجهات المختصة ومشغلي الطائرات بتسهيل عبور القُصّر وتوفير بيئة آمنة خلال الرحلة، مع التحقق من بيانات الأفراد المفوضين باستلامهم في المطارات.

إدارة الأزمات: دعم شامل للمسافرين العالقين

في حال وقوع كوارث طبيعية أو حروب أو أوبئة، تلتزم السلطات ومشغلو الطائرات بتأمين المساعدة العاجلة للمسافرين، بما يشمل توفير المأوى، والغذاء، والاتصالات، والتنسيق مع السفارات لتسهيل منح تأشيرات دخول مؤقتة.

كما تلتزم الشركات بتوفير بدائل سفر في أسرع وقت، وتحمل مسؤولياتها تجاه الركاب العالقين، ما يعكس بعدًا إنسانيًا وتنظيميًا في آنٍ معًا.

فحص الوثائق: حدود ذكية وآمنة

تدعم اللائحة استخدام أنظمة مراقبة آلية ذكية ”ABC“ لفحص وثائق السفر، وتشجع تدريب طواقم الطيران على كشف التزوير، مع حظر تحميل شركات الطيران مسؤولية استكمال بطاقات النزول.

وفي حال ضبط وثائق مزورة، تُصادر وتُبلّغ الدولة المصدرة، دون تحميل الناقل الجوي مسؤولية إعادة الراكب على نفقته.

الأمتعة: حقوق واضحة وتعويضات مضمونة

شددت اللائحة على ضرورة تسليم الأمتعة في نقطة الوصول النهائية. وفي حال وصولها إلى وجهة مختلفة، يتحمل مشغل الطائرة مسؤولية إيصالها للراكب على نفقته، مع احتفاظ الركاب بحقهم في التعويض عند التأخير أو التلف أو الفقد، وفقًا لاتفاقية مونتريال.

كما حدّدت آلية للتعامل مع الأمتعة المجهولة، والتي تُحتفظ بها لمدة 60 يومًا قبل التصرف فيها حسب النظام.

تبسيط الإجراءات وتعزيز الكفاءة التشغيلية

من أهم ملامح اللائحة عدم مطالبة المسافرين بشهادات دفع ضرائب، أو تقديم مستندات غير منصوص عليها، خاصة للزوار الحاملين لجواز وتأشيرة صالحة، ما يُسهّل حركة الدخول والخروج.

كما تُلزم اللائحة مشغلي الطائرات بتوفير المعلومات للمواطنين بشأن إصدار الجوازات والتأشيرات، مع التوصية باستخدام التكنولوجيا الحديثة في عمليات التفتيش والفحص لتقليص الوقت وتسهيل الحركة.

مسؤولية مزدوجة: الراكب والناقل

تُحمّل اللائحة الركاب مسؤولية التأكد من صلاحية وثائقهم، في حين يُسمح للناقل الجوي برفض نقل الركاب في حال عدم مطابقة وثائقهم أو افتقارها للشروط. كما يتحمل الراكب التبعات القانونية في حال استخدام وثائق مزورة.

وفي حال رفض دخول الراكب من قِبل سلطات دولة الوصول، تُعيده شركة الطيران إلى بلده أو أي وجهة مقبولة أخرى دون تعويض مادي عن الرحلة غير المكتملة.

لائحة تضع المسافر في قلب الاهتمام

باختصار، تمثل ”لائحة تسهيلات النقل الجوي“ تحولًا نوعيًا يعيد رسم العلاقة بين المسافر، وشركات الطيران، والجهات الرقابية، من خلال منظومة تنطلق من مبدأ تبسيط الإجراءات ورفع جودة الخدمات دون المساس بالأمن والسيادة.

ويمكن القول إن هذه اللائحة لم تُصمم فقط لتنظيم حركة السفر، بل جاءت لتبني جسورًا جديدة من الثقة والشفافية بين الأطراف كافة، وتضع المملكة في موقع متقدم ضمن مؤشرات الأداء اللوجستي وسهولة السفر عالميًا.